مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أقسام الكناية

صفحة 449 - الجزء 2

  أن معناه الكناية، والمراد بوحدة المعنى هنا أن لا توجد هنالك أجناس من المعاني لا ما يقابل التثنية والجمعية الاصطلاحية بدليل المثال الآتي، ثم لا يخفى ما في كلامه من التسامح وهو إطلاق الكناية على المعنى الأصلي، وإنما هي كما تقدم لفظ كان له معنى حقيقي أطلق لينتقل منه إلى لازمه، ولكن لما كان الانتقال من معنى اللفظ سمى المعنى كناية، وذلك كما إذا اتفق أن للشيء صفة اختصت به، فيذكر لفظ تلك الصفة ليتوصل بتصور معناه إلى ذلك الموصوف أي: إلى ذاته لا إلى وصف من أوصافه أو إلى نسبة من النسب المتعلقة به، فيصدق حينئذ أن المطلوب بلفظ تلك الصفة الذي جعلناه كناية غير الصفة والنسبة؛ إذ هو ذات الموصوف، وإنما اشترطنا في الصفة المكنى بها الاختصاص لما تقدم أن الأعم لا يشعر بالأخص وإنما يستلزم المطلوب ما يختص به بحيث لا يكون أعم بوجوده في غير وذلك (كقوله: الضاربين)⁣(⁣١) أي: أمدح الضاربين (بكل أبيض) أي بكل سيف أبيض (مخذم) بضم الميم وسكون الخاء وفتح الذال المعجمة وهو القاطع (والطاعنين) أي: أمدح الطاعنين، أي: الضاربين بالرمح (مجامع الأضغان) والمجامع جمع مجمع اسم مكان من الجمع، والأضغان جمع ضغن وهو الحقد، فمجامع الأضغان كناية عن القلوب، فكأنه يقول: والطاعنين قلوب الأقران لإجهاز نفوسهم بسرعة، وهو أعني المجامع معنى واحد، إذ ليس أجناسا ملتئمة وإن كان لفظه جمعا، وذلك المعنى صفة معنوية مختصة بالقلوب؛ لأن مدلولها كون الشيء محلا تجتمع فيه الأضغان، ولا شك أن هذا المعنى مختص بالقلوب، إذ لا تجتمع الأضغان في غيرها، لا يقال مصدوق قولنا مجمع الضغن هو القلب، وإطلاق اللفظ على مصدوقه حقيقة فليس هذا من الكناية؛ لأنا نقول: لم يطلق المجمع على القلب من حيث إنه مجمع الضغن؛ إذ لا يقصد الإشعار بهذا المعنى فيه، إذ المضروب ذاته لا من حيث هذا المعنى، فالمفهوم من مجمع الضغن عند إطلاقه لم يرد، وإنما أتى لينتقل منه إلى ذات القلب


(١) البيت لعمرو بن معد يكرب، فى الإشارات ص (٢٤٠)، والإيضاح ص (٢٧٣) بتحقيق الدكتور / عبد الحميد هنداوى.