مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

المشاكلة

صفحة 504 - الجزء 2

  مع ما يلازمه يكفي في فهم الصيغة، وإنما قلنا لا يتعين؛ لأنه لو قيل في غير القرآن مثلا بعد الفقرة السابقة: ولكن كانوا أنفسهم ظالمين لكفى ولكان من المعلوم بالإرصاد؛ لأن الياء والواو يتعارضان في القافية وما يناسبها من الفقرة، ومثل للإرصاد في البيت فقال (و) ذلك (نحو قوله:

  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع⁣(⁣١)

  فإن قوله: إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما: يدل على أن مادة القافية من معنى الاستطاعة المثبتة؛ إذ لا يصح أن يقال: إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما لا تستطيع أو جاوزه إلى كل ما تشتهي أو إلى فعل ما تعرض لك إرادته ولو كنت لا تستطيعه أو نحو ذلك، والذوق شاهد صدق في ذلك، والروى يدل على أن تلك المادة تختم بالعين قبلها ياء، وليس ذلك إلا لفظ تستطيع فلا يصح، وجاوزه إلى ما تطيق لعدم وجود الروى فيه، وتعين خصوص الصيغة هنا من كل وجه لعدم وجدان غيرها وعدم صلاحية سواها في المحل، ولا إشكال في ذلك.

المشاكلة

  (ومنه) أي: ومن البديع المعنوي (المشاكلة) أي النوع المسمى بالمشاكلة (وهو) أي: وذلك النوع من البديع المعنوي المسمى بالمشاكلة هو (ذكر الشيء بلفظ غيره) أي: ذكر المعنى ملتبسا في ذلك الذكر بالإتيان بلفظ غير ذلك المعنى، فالباء في «بلفظ» للملابسة، ولا يخفى أن تعلق الذكر بالمعنى كما هنا صحيح من باب نسبة ما للدال للمدلول، وخرج بقوله: بلفظ غيره الذكر المتعلق بالحقيقة، ودخل فيه جميع أنواع المجاز؛ لأن الذكر فيها واقع في معانيها في ألفاظ غيرها على ما تقدم من البحث في الاستعارة بالكناية.


(١) البيت فى الإيضاح ص (٢٩٧) وهو منسوب لعمرو بن معد يكرب.