مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الإدماج

صفحة 587 - الجزء 2

  يضمن على صيغة المبني للمفعول، والنائب هو كلام، وقوله سيق لمعنى نعت لكلام.

  وقوله: معنى آخر المفعول الثاني ليضمن فهو منصوب به بعد أن رفع به المفعول الأول بالنيابة، وشمل قوله معنى آخر ما يكون مدحا وما يكون غيره، (فهو) لأجل شمول المعنى المضمن المدح وغيره (أعم من الاستتباع)؛ لأن المعنى المستتبع أي: المضمن للكلام المساق للمعنى المقصود أولا يشترط فيه أن يكون مدحا، فاختص الاستتباع بالمدح، وشمل الإدماج المدح وغيره فكان الإدماج أعم من الاستتباع، وقيل: إن الاستتباع هو أن يذكر معنى على وجه يستتبع معنى آخر، فيكون معناه ومعنى الإدماج واحد، فيستغنى بأحدهما عن الآخر.

  ثم مثل للإدماج بالمثال الذي يختص به عن الاستتباع فقال (كقوله) أي كقول المتنبي (أقلب فيه)⁣(⁣١) أي في ذلك الليل (أجفاني)، ودل التعبير بالمضارع على تكرر تقليب الأجفان ليلا وهو دليل على السهر، وأشار بقوله (كأني أعد بها على الدهر الذنوبا) إلى أن هذا التكرار في غاية الكثرة للعلم بكثرة الذنوب التي يعدها على الدهر.

  والمقصود من الكلام وصف الليل بالطول مع السهر؛ لأن معه يظهر الطول، وأكد ذلك الطول وبينه بأن كثرت فيه تقليب الأجفان كثرة أوجبت له كونه في منزلة نفسه إذا كان يعد الذنوب على الدهر فكأن هنا يحتمل أن يراد بها الشك أى: أوجبت كثرة التقلب لي الشك في أني أعد الذنوب ويحتمل التشبيه أي أشبه نفسي في التقليب بنفسي في عد الذنوب وقد تقدم نظير ذلك والمقصود: ذنوب الدهر عليه لا ذنوبه في الدهر إذ لا معنى لعدها على الدهر ثم بين وجه الإدماج كما هو ظاهر بقوله (فإنه) أي: إنما قلنا: إن في البيت إدماجا؛ لأن الشاعر (ضمن وصف الليل بالطول) وهو المعنى المسوق له الكلام أولا (الشكاية) أي: ضمن المعنى المذكور الشكاية (من الدهر) لكثرة ما أصابه به من عدم استقامة الحال وتلك الشكاية بها حصل الإدماج؛ إذ هي المعنى


(١) البيت للمتنبى، فى ديوانه (١/ ١٤٠)، وشرح التبيان (١/ ١٠٢)، والإشارات ص (٢٨٥).