مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أقسام الجناس

صفحة 606 - الجزء 2

  والوسط أمكنة متوهمة وإلا فالحرف بنفسه هو الأول والوسط والآخر ثم مثل لما فيه زيادة في الآخر فقال (كقوله) أي كقول أبي تمام:

  (يمدون من أيد عواص عواصم) ... تصول بأسياف قواض قواضب⁣(⁣١)

  فعواص وعواصم متساويان إلا في زيادة الميم آخرا في الثاني، وكذا قواض وقواضب متساويان إلا في زيادة الباء آخرا في الثاني، ولا عبرة بالتنوين في عواص، وقواض؛ لأنه في حكم الانفصال، أو بصدد الزوال بالوقف، أو الإضافة أو غير ذلك، وقوله من أيد يحتمل أن تكون فيه للتبعيض إما بتقديره نعتا لمفعول محذوف أي: يمدون سواعد كائنة من أيد إذ السواعد بعض الأيدي، فكأنه يقول يمدون السواعد التي هي بعض الأيدي وإما أن يجعل كهي في قولهم هز من عطفه وحرك من نشاطه أي: هز بعض العطف لأن العطف الشق والعضو المهزوز منه الكتف مثلا، وحرك بعض الأعضاء التي يظهر بتحريكها نشاطه، ويختلف الوجهان بأن يجعل الفعل في الوجه الثاني كاللازم يتعدى بمن كشربت من الماء، ويمكن أن يقدر متعديا في الموضعين، فيقدر في الأخيرين هز عضوا هو بعض عطفه وحرك عضوا هو بعض أعضاء نشاطه، فيعود التبعيض فيهما إلى الأول وهز العطف كناية عن السرور؛ لأن المسرور يهتز فصارت الهزة ملزومة للسرور، وكذا تحريك النشاط ويحتمل أن تكون زائدة على مذهب الأخفش القائل بجواز زيادتها في الإثبات خلافا لمن خص زيادتها بالنفي كقولك: ما من أحد يقول الحق في هذا الزمان، وعليه يكون هو نفس المفعول ليمدون أي: يمدون أيديا عواصي، والعواصي جمع عاصية من عصاه ضربه بالعصا، والمراد بالعصا هنا السيف بدليل ما بعده، والعواصم جمع عاصمة من عصمه حفظه، والقواضي جمع قاضية من قضى بكذا حكم به والقواضب جمع قاضبة من قضبه والمعنى أنهم يمدون أيديا عاصيات أي: ضاربات للأعداء بالسيف الذي هو المراد بالعصا هنا عاصمات أي: حاميات وحافظات للأولياء من كل مهلكة ومذلة صائلات على الأقران بسيوف قواض أي:


(١) لأبى تمام فى شرح ديوانه ص (٤٦)، وأسرار البلاغة ص (١٧)، والإشارات (٢٩٢)، وشرح المرشدى (٢/ ١٤٣)، والإيضاح ص (٣٢٥).