مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

رد العجز على الصدر في الشعر

صفحة 620 - الجزء 2

  المتوسط فإنما يكون من هذا الباب مع ما بعده على مذهب السكاكي الذي يعتبر في رد العجز على الصدر حشو المصراع الثاني، وعليه فيكون هذا مما يمثل به لذلك القسم.

  (و) الثالث منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منهما في آخر المصراع الأول ك (قوله:

  فمشغوف بآيات المثاني ... ومفتون برنات المثاني⁣(⁣١)

  فالمثاني الأول في آخر المصراع الأول والثاني في العجز وهما متجانسان إذ المراد بالمثاني الأول القرآن؛ لأنه تثنى فيه القصص والوعد والوعيد، ويطلق لفظ المثاني على الفاتحة منه لأنها تثني في كل ركعة، والمراد بالمثاني الثاني أوتار المزامير؛ لأنها طاقات ثنى أي: ضم بعضها إلى بعض ورناتها نغماتها، والبيت في نفسه يحتمل معنيين أحدهما أن يكون الموصوف واحدا أي: هذا مشغوف بآيات القرآن وتلاوتها ومفتون مع ذلك لرقة قلبه برنات المزامير، وأن يكون اثنين أي: فهناك مشغوف بالآيات يهتدي بها ويتذكر بها وآخر مفتون بنغمات المزامير غفلة منه عن الدار الآخرة ومقام إنشاد البيت قبله يعين أحدهما وقد تعين الثاني به؛ لأن البيتين للحريري ومقامهما يقتضي المعنى الثاني، ولم يجعل المثاني في الموضعين من الملحق اشتقاقا مع اشتراكهما في أصل المادة؛ لأن الوصفية تنوسيت فيهما والله أعلم.

  (و) الرابع منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منها في صدر المصراع الثاني (كقوله: أملتهم)⁣(⁣٢) أي: رجوتهم (ثم تأملتهم) أي: تفكرت في أحوالهم هل هم ممن يرجى خيره أو لا (فلاح لي) بعد التأمل (أن) أي: أنه أو أنهم (ليس فيهم فلاح) أي: ليس فيهم بقاء على الخير وفوز بالرجاء وبلوغ الأمل فقوله: فلاح في صدر المصراع الثاني، وفلاح الثاني في العجز وهما متجانسان فالأول فاء الترتيب مع لاح بمعنى ظهر والثاني بمعنى الفوز والمقام على الخير، وذلك ظاهر، ثم شرع في أمثلة الملحقين اشتقاقا


(١) البيت لأبى تمام فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢/ ١٥٣)، وهو للحريرى من مقاماته فى ديوانه ص (٥٢١)، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧)، والتبيان ص (٥١٨).

(٢) البيت للأرجانى، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧)، والإيضاح ص (٣٣٠).