خاتمة
  اختصاصه به دون من قبله، وبعده ثم الاتفاق في نفس الغرض على العموم يتضمن شيئين:
  أحدهما: كون الاتفاق في الغرض لا في الدلالة عليه بل الدلالة عليه من الجهة المعهودة للاتحاد، وهي الدلالة بالحقيقة.
  وثانيهما: كون الغرض عام الإدراك فيخرج به الغرض الخاص أي: المعنى الدقيق الذي لا يستخرجه إلا الأذكياء وإن كانت الدلالة عليه بالحقيقة لا بالمجاز كما في نحو حسن التعليل فإن قوله:
  ما به قتل أعاديه ولكن ... يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب
  معنى لطيف مدلول عليه بالحقيقة، ومن المعلوم أن الأغراض، أي: المعاني الدقيقة مما يتفاوت الناس في إدراكها، فيمكن أن يدعى فيها السبق أي: الغلبة أو التقدم والزيادة وعدم ذلك، ولكن هذا المعنى لم يتعرض له المصنف هنا؛ لأنه معلوم لا تفصيل فيه، وإنما تعرض لمفهوم الاتفاق في نفس الغرض، وهو اتفاق في الدلالة على الغرض لما فيه من التفصيل، وإليه أشار بقوله (وإن كان) أي: الاتفاق القائلين لا في نفس الغرض، بل (فى وجه الدلالة) أي: طريق الدلالة على ذلك الغرض بأن يكون أحد القائلين دل على الغرض بالحقيقة (كالتشبيه) بالنسبة لإثبات الغرض الذي هو ثبوت وجه الشبه، أو فائدته، والآخر كذلك أو دل عليه أحدهما بالتجوز أو الكناية، والآخر كذلك، ثم عطف على قوله كالتشبيه قوله (وكذكر هيئات) أي: ذكر أوصاف (تدل على الصفة) التي هي الغرض (ل) أجل (اختصاصها) أي: اختصاص تلك الهيئات (بمن) أي بموصوف (هي) أي: تلك الصفة التي هي الغرض (له) أي لذلك الموصوف؛ فيلزم أن تكون تلك الهيئات مستلزمة للصفة التي هي الغرض، والانتقال من الملزوم إلى اللازم كناية؛ فعلم أن ذكر الهيئات داخل فيما يقابل الحقيقة الممثل لها بالتشبيه، وذلك المقابل هو مطلق التجوز الشامل للكناية، ثم مثل لذكر الهيئات؛ لينتقل منها إلى الغرض فقال (كوصف الجواد) أي ذات الجواد، لا من حيث ما يشعر بالجود (بالتهلل) أي: بكون الوجه فرحا مسرورا (عند ورود العفاة) جمع عاف وهو السائل، فإن هذه الهيئات -