مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

العقد

صفحة 695 - الجزء 2

  والحديث عقد بلا قيد، ونظم القرآن أو الحديث إنما يكون عقدا - إن نبه على أنه من القرآن أو الحديث أو غير - كثيرا، وإلا فنظمهما اقتباس خارج عن العقد، وقد تقدم، فمثال العقد في القرآن لكونه نبه على أنه منه قول بعضهم:

  أنلني بالذي استقرضت خطا ... وأشهد معشرا قد شاهدوه

  فإن الله خلاق البرايا ... عنت لجلال هيبته الوجوه

  يقول إذا تداينتم بدين ... إلى أجل مسمى فاكتبوه⁣(⁣١)

  وقد نبه على أنه من القرآن بقوله: يقول.

  ومثاله في الحديث للتنبيه مع التغيير الكثير؛ لأنه لا منافاة بينهما فصح أن يجمعهما مثال واحد، قول الشافعي رضي الله تعالى عنه:

  عمدة الخير عندنا كلمات ... أربع قالهن خير البريه

  اتق الشبهات وازهد ودع ما ... ليس يعنيك واعملن بنيه⁣(⁣٢)

  فقد عقد قوله «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات من تركها سلم، ومن أخذها كان كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه»⁣(⁣٣) وقوله «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس»⁣(⁣٤)، وقوله «من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه»⁣(⁣٥)، وقوله «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»⁣(⁣٦) ولا يخفى ما يقابل كل حديث من الكلمات الشعرية على هذا الترتيب كما لا يخفى ما


(١) الأبيات فى شرح المرشدى (٢/ ١٩١)، والإيضاح ص (٣٥٦).

(٢) شرح المرشدى (٢/ ١٩١)، وهما من قول أبى الحسن طاهر بن معوذ الإشبيلى، وليسا للإمام الشافعى على ما زعم بعضهم، الإيضاح ص (٣٥٧).

(٣) أخرجاه في الصحيحين.

(٤) رواه ابن ماجه، والطبرانى، والحاكم، والبيهقى، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته. للشيخ الألباني (ح ٩٢٢).

(٥) رواه الترمذى وغيره هكذا، وقال حديث حسن.

(٦) رواه البخاري (ح ١)، ومسلم (٤/ ٥٧١).