الصدق والكذب في الخبر
  بصلاح زيد علما كالشهود، ويؤكد ذلك إتيانه بالجملة التى أظهر العلم بمضمونها مؤكدة بأن واللام، ومن لازم مظهر الشهادة بالوجه المذكور عرفا أنها حاصلة عن صميم اعتقاد ذلك المشهود به، وواطأ ما فى القلب ما فى اللفظ؛ لأن ذلك هو الغرض المتبادر للسامع من ذلك الإظهار، ولما كان من لازم الشهادة هذا المعنى وهو أن صدورها من صميم الاعتقاد، وهذا المعنى يصح الإخبار به فربما نزل صحة الإخبار به منزلة وقوع ذلك الإخبار، فيعود التكذيب له، ولهذا يقال: الشهادة تتضمن الإخبار، وعليه يكون المعنى فى الآية الكريمة: لكاذبون فى الشهادة باعتبار استلزام حال الناطق بها عرفا أنها عن خلوص الاعتقاد وصميم القلب، فالمكذب فيه هو هذا المعنى لا فى قولهم:
  إنك لرسول الله، وإنما كذبوا فيه؛ لأنهم منافقون يقولون بأفواههم ويظهرون من حالهم ما ليس فى قلوبهم (أو) بتأويل أن المعنى لكاذبون (فى تسميتها) أى تسمية هذا الإظهار لهذا الإخبار شهادة، وإنما ألزموا تسمية هذا الإظهار شهادة؛ لأن من وقع منه معنى لزم صحة الإخبار عنه بأنه يسمى باسمه، فيصح إن كان ذلك المعنى على غير ظاهره، أو نزل منزلة ما هو على غير ظاهره أن يكذب الواقع منه ذلك المعنى فى تلك التسمية اللازمة، ويحتمل أن يكون المعنى: لكاذبون فى تسمية متعلق نشهد، وهو الخبر المشهود بمضمونه شهادة أى مشهودا به؛ لأن من شهد بأن أظهر اللفظ الدال على أن المشهود به محقق، فقد لزم من ذلك صحة الإخبار عن ذلك المشهود به أنه يسمى شهادة؛ لأنه قام به معنى كونه مشهودا به؛ فيصح تسميته شهادة، بمعنى أنه مشهود به فكذبوا باعتبار هذه التسمية اللازمة، لكن التكذيب فى ادعاء وجود معنى الشهادة الحقيقية وسرها الباطنى وهو التأويل الأول، يستلزم التكذيب فى وجود التسمية الحقيقية المدعاة باقتضاء الحال لها، فالتأويل الأول يغنى عن هذا، على أنا لا نسلم أن التسمية تتوقف على كون الشهادة مطابقة فتصح مع غير المطابقة، فلا يصح التكذيب فى التسمية، وحمله على التكذيب فى التسمية الحقيقية - كما تقدم - تأويل فى ضمن تأويل، وذلك مما يضعف ذلك التأويل، وقيل، المعنى: لكاذبون فى قولهم: «نشهد» لأنه إخبار عن الحال، وهو ضعيف؛ لأن الشهادة على الصحيح إنشاء (أو) نسلم أن التكذيب عائد