مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند إليه بالإضمار

صفحة 197 - الجزء 1

  معين خاف أن يتوهم أن الخطاب لا يعدل به إلى غير معين، فأشار إلى أنه قد يعدل به عن المعين، ومهد لذلك ببيان هذا الأصل فقال (وأصل الخطاب أن يكون لمعين) سواء كان جماعة أو لا. لا يقال قولكم أصل المعارف الوضع للتعيين بالاستعمال ينافيه وضع المعارف بلام الجنس؛ لأنه يستعمل فى غير معين؛ لأنا نقول ذلك فى غيره أو الأصل فيه هو أيضا التعيين لكن لما كان ما قصد تعيينه به وهو الجنس يصح وجوده فى متعدد نشأ عن ذلك العموم باعتبار وجود ما يعين به فى كثير بخلاف النكرة، فأصلها عدم التعيين (وقد يترك) الخطاب لمعين (إلى غيره) أى: غير معين (ليعم) الخطاب (كل مخاطب) على سبيل البدل لا على سبيل التناول دفعة، وإنما قلنا على سبيل البدل إشارة إلى أن الخطاب لا يخرج عن أصل وضعه من كل وجه حتى يكون كالنكرات فى العموم؛ بل يصاحبه الإفراد المناسب للتعيين وللإشارة إلى أن العموم فيه هو العموم الذى كان فى أصل وضعه، فإن الضمير كما قيل إنما وضع وضعا عاما بدليا، ويتعين بعض ما يصح استعماله فيه بنفس ذلك الاستعمال والعموم البدلى فى الضمير المفرد والمثنى ظاهر، وأما ضمير الجمع إن تصور فيه هذا العموم فالظاهر أن العموم فيه معى لا بدلى، ويمكن اعتبار البدلى فيه بالنظر لكل جمع جمع تأمل، وذلك كقوله تعالى {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣(⁣١) فإن هذا الخطاب لم يقصد به مخاطب معين هو فلان مثلا وإنما المراد أن من تمكن منه الرؤية يتناوله هذا الخطاب على سبيل البدل، ولا يخفى أنه لو ادعى أن العموم معى بواسطة جعل مدلول الضمير هو من التى هى من الصيغ العامة ما بعد، وعلى كل حال فالكلام حينئذ مجاز ثم بين وجه كون الخطاب لا يختص به أحد، وإنما يريد به العموم بقوله (أى تناهت أحوالهم فى الظهور) لكل من يمكن أن يراهم من أهل المحشر، فلا تختص بتلك الأحوال رؤية راء دون آخر، فإذا كانت أحوالهم كذلك (فلا يختص بهذا) الخطاب (مخاطب) دون غيره لوجود المشاركة من كل من تمكن منه الرؤية، فلكل من يسمع الخطاب دخل فيه، ووجد في بعض النسخ فلا يختص بها مخاطب يعنى فلا يختص برؤية حالهم مخاطب، أو فلا يختص بحالهم


(١) السجدة: ١٢.