موافقة السكاكي لرأى عبد القاهر
  مرفوعه جملة ولو كان معربا بنفسه فيما إذا كان صلة لأل، أو وقع موقع ما أغنى عن الخبر فلوقوعه فى ذلك ونحوه موقع ما طلبه للفعل والجملة أشد؛ لأنه فى الأصل صلة والأصل فيها الجملة وشبهها، فهو فعل فى صورة الاسم لكراهية دخول ما صورته مختصة بالاسم على صورة الفعل، والفعل مع الفاعل جملة تامة، وفى الثانى فى موضع يحسن السكوت عليه مع فاعله بخلاف ما إذا أخبر به مع فاعله الظاهر أو المضمر، فهو فى محل المفرد (ولا عومل معاملتها فى البناء) أى: ولهذا أيضا لم يعامل معاملتها فى البناء بل أعرب كأجزاء الجملة لا كنفسها، ووصف الجملة بالبناء لا يخلو عن تسامح، فإنها لا توصف اصطلاحا من حيث هى بإعراب ولا بناء نعم فى محل ما يعرب، أو يبنى، ولكن القصد أن أصل الفعل البناء، لتضمنه فى الأصل النسبة التامة مع فاعله فصار فى غاية الافتقار، والارتباط بفاعله فيبنى فى الأصل؛ لأن الافتقار من أسباب البناء بخلاف المشتق ففيه شبه بالخالى عن هذه النسبة، وبهذا يندفع ما يتوهم من أن الجملة الجامدة الجزأين هى فى الثبوت آكد مما فيه مشتق، فكيف يحكم بأن المشتق أقوى فى التأكيد؛ لأن المراد أن طلبه لما نسب له أقوى، كالفعل بخلاف الجامد، فهو مستقل والتأكيد الموجود فى جملته من جهة كون معناه وصفا ذاتيا، أو لازما فى الأصل للمخبر عنه لا من جهة كونه وضع طالبا للمنسوب إليه، فالمشتق أقوى منه فى هذا المعنى لشبهه بالفعل، فالجامد الثبوت فيه من جهة المدلول، فهو خارج عن إفادة التقوية بإعانة وضع اللفظ، والتأكيد فى المشتق بإعانة دلالة اللفظ لا بنفس مدلوله بذاته، كما فى الجامد فليتأمل.