إفراد المسند وأغراض ذلك:
  السببى والفعلى مبتكر له، ولما كان تعريفه السببى فيه انغلاق وصعوبة - حسبما يظهر عند الوقوف عليه فى المفتاح ومعلوم إنه يلزم من انغلاقه انغلاق مقابله وهو الفعلى - عدل المصنف إلى المثال فى السببى ليعرف منه الفعلى. فقال: (والمراد بالسببى) خبر هو (نحو) الخبر فى قولك (زيد أبوه منطلق) ومعلوم أن تعريف الحقائق بمجرد المثال لا يخلو من خفاء؛ لأن أوجه التماثل كثيرة، ومثل هذا قولك - مثلا: زيد انطلق أبوه مما كان فيه الخبر جملة علقت على مبتدأ بعائد لا يكون مسندا إليه فى تلك الجملة، فيستفاد حد السببى مما ذكر من المثالين، لاشتمالهما على أجزائه، فيخرج عنه المسند فى نحو زيد منطلق أبوه، إذ ليس منطلق أبوه بجملة كما تقرر، والمسند فى نحو {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}(١) مما هو جملة أخبر بها عن ضمير الشأن؛ لأن تعليقها بالمبتدأ بنفسها لا بعائد، وفى نحو قولنا: زيد قام؛ لأن العائد فى قام مسند إليه، ويدخل فى ذلك الحد المستفاد من المثالين. (والمراد بالسببى نحو زيد أبوه منطلق) ش: المسند على أقسام:
  الأول: أن يكون سببيا، والمراد بالسببى أن يكون إثبات المسند للمسند إليه لمتعلقه لا لنفسه، وذلك إما بأن يتقدم السببى نحو: زيد أبوه منطلق، أو يراد حدوث المسند، وهو سببي مثل: زيد انطلق أبوه، وفى هذين القسمين يكون جملة، أو زيد منطلق أبوه، وهو مفرد سببي.
  الثانى: أن لا يكون سببيا، ولكن يراد تقوى الحكم بتكرر الإسناد كقولك: زيد قام فإنه وقع الإسناد إلى زيد مرتين، أحدهما: إلى لفظ زيد، والثانى: لضميره، وهو فاعل قام.
  الثالث: أن لا يكون سببيا، ولا يراد به التقوية، مثل: زيد منطلق، فحاصله إنه إن أريد به التقوية؛ كان جملة، وإن لم يرد فإما أن يكون سببيا أو لا إن لم يكن فهو مفرد، وإن كان فإما أن يتأخر السببى، ولا يراد الحدوث أولا، فإن تأخر ولم يرد
(١) الإخلاص: ١.