مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الفصل لشبه كمال الاتصال

صفحة 558 - الجزء 1

  التقييد لمانع واضح كما فى قوله تعالى {وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} فحيث لم يتضح المانع منع للإيهام كما فى قوله تعالى: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} فافهم ثم أشار إلى وجه آخر مانع من العطف فى قوله: أراها فى الضلال تهيم بقوله (ويحتمل الاستئناف) يعنى أن قوله: «أراها» يحتمل أن يكون غير استئناف بأن يقصد الإخبار بها كما قبله من غير تقدير سؤال يكون جوابا عنه، فيكون المانع من العطف هو الإيهام السابق، ويحتمل أن يكون استئنافا بأن يقدر سؤال يكون هو جوابا عنه، فكأنه قيل: وكيف تراها فى ذلك الظن، فقال: أراها مخطئة تتحير فى أودية الضلال والغلط، فيكون المانع كون الجملة كالمتصلة بما قبلها لاقتضائه السؤال أو تنزيله منزلة السؤال.

  والجواب ينفصل عن السؤال لما بينهما من الاتصال، كما أشار إلى تحقيق ما هى كالمتصلة لأجل ذلك بقوله:

الفصل لشبه كمال الاتصال

  (وأما كونها) أى: كون الجملة الثانية (كالمتصلة بها) أى: بالجملة الأولى (ف) يتحقق (لكونها) أى: الجملة الثانية (جوابا لسؤال اقتضته) الجملة (الأولى) لكونها مجملة فى نفسها، باعتبار الصحة، كما فى المثال السابق لأنّ الظنّ يحتمل الصحة وعدمها أو مجملة السبب أو غير ذلك مما يقتضى السؤال كما يأتى، وإذا كانت الأولى تقتضى السؤال (ف) هى (تنزل منزلته) أى: منزلة السؤال لأنّ السبب يتنزل منزلة المسبب لكونه ملزوما له ومقتضيا له (فتفصل) الثانية حينئذ (عنها) أى: عن تلك الأولى، المقتضية للسؤال المقتضى للجواب الذى هو الثانية، وفصلها عنها حينئذ (كما يفصل) أى: كفصل (الجواب عن السؤال) لما بينهما من الاتصال والربط الذاتى المنافى للعطف المقتضى للحاجة إلى العاطف وبعضهم يجعل منع العطف بين الجواب والسؤال لما بينهما من كمال الانقطاع، إذ السؤال إنشاء والجواب إخبار وقد ورد على منع العطف على الجملة التى هى كالسؤال قوله تعالى: {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ}⁣(⁣١) بعد قوله {ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} إلخ إذ هو فى تقدير: ولم استغفر


(١) التوبة: ١١٣: ١١٤.