مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تذنيب

صفحة 596 - الجزء 1

  إليها من حيث الوصف الأصلى فيها وهو كونها جملة تكون بذلك النظر مستقلة (بالإفادة) لأنها إنما وضعت فى الأصل بناء على وضع الجمل، أو استعملت لتفيد فائدة يحسن السكوت عليها، فتكون مستقلة بالإفادة، وإذا لم تستقل، بأن توقفت إفادتها على شيء آخر فلعروض ربطها بغيرها، فالجملة الحالية منها من حيث هى حالية، تفتقر إلى كون آخر تكون هى قيدا له، ولا تستقل بالإفادة من تلك الحيثية لأنها إنما سيقت حينئذ لتكون قيدا لغيرها فإذا قلت: جاء زيد وعمرو يتكلم فجملة قولك وعمرو يتكلم لها جهتان، جهة كونها حالا، وجهة كونها جملة من مبتدأ وخبر (ف) من الجهة الأولى لا تحتاج إلى رابط ومن الجهة الثانية - التى هى الأصل - (تحتاج إلى ما يربطها بصاحبها) الذى جعلت قيدا لحكمه وإنما احتاجت إلى رابط، بسبب أن حال الاستقلال يبعد عن الإضافة إلى الغير المقصودة، وروعيت هذه الحالة المحوجة للربط لأنها ألزم، والأولى عارضة فتحتاج إلى آلة تتحقق بها ويتحقق بها ربطها (و) إنما تبين بما ذكر حاجتها إلى ما يصلح للربط ف (كل من الضمير) أى: ضمير صاحب الحال (والواو صالح ل) ذلك (الربط) واختلف فى أيهما أقوى فى الربط، فقيل الواو لأنها موضوعة لذلك، إذ هى فى أصلها للجمع، كما قيل إن أصل هذه الواو الحالية العاطفة، وقيل الضمير لدلالته على المربوط به، وإليه أشار بقوله (والأصل) أى: الكثير الذى ينبغى ارتكابه بحيث لا يعدل عنه إلا إذا مست الحاجة إلى مزيد ارتباط، فيعدل عنه حينئذ إلى الواو (الضمير) أى: الأصل فى الربط هو الضمير وإنما قلنا إنه الأصل (بدليل) أن الربط فى الحال (المفردة) يكون به دون الواو كقولك: جاء زيد راكبا (و) كذا فى (الخبر) ولو كان جملة كقولك: زيد أبوه قائم (و) كذا فى (النعت) كقولك: مررت برجل أبوه فاضل، فقد تبين أن الربط بالضمير أكثر مواقع فدل ذلك على أنه الأصل فيما يحتاج إلى الربط وظاهره أن الحال المفردة مربوطة بالضمير، وقيل لا تفتقر إلى ربط لأنها دالة على صاحبها بالوضع. فالضمير فيها آل إليه الاشتقاق الموجب لتحمل الضمير، ثم ما ذكر من كون الضمير أصلا للربط وكون الواو يؤتى بها عند الحاجة إلى مزيد الارتباط، قد يدعى أن فيه شبه التدافع، لأن كون الواو تدل على مزيد الارتباط، وكون الضمير هو