مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أركان التشبيه

صفحة 93 - الجزء 2

أركان التشبيه

  (والنظر) أى: البحث (ههنا) أعنى فى هذا الباب الذى هو باب التشبيه المصطلح عليه (فى أركانه) أى: فى أركان التشبيه المصطلح عليه، إذ هو له كما تقدم، وإطلاق النظر على البحث توسعا واضح؛ لأن البحث إنما يقع عن النظر والتأمل فى أحوال المنظور فيه، ويحتمل أن يراد بالنظر معناه لاستلزامه البحث فى المنظور فيه إذا أريد بالنظر توجيه العقل لأحوال المنظور، وأريد بالبحث إثبات ما اقتضى النظر إثباته، ونفى ما اقتضى نفيه، وأما إن أريد بالبحث التأمل فى أحواله اتحد هو والنظر حينئذ، (و) الأركان هى المقصود بالتأمل هنا (هى) أربعة: اثنان من تلك الأربعة (طرفاه) وهما المشبه والمتشبه به، (و) ثالثها (وجهه) وهو المشترك الجامع بين الطرفين، (و) رابعها (أداته) الدالة على التشبيه كالكاف وشبهه، (و) النظر أيضا إنما هو زيادة على النظر فى الأركان (فى الغرض منه) الحامل على إيجاده، (وفى أقسامه) أى أقسام التشبيه الحاصلة بكونه تشبيه مفرد بمفرد أو مركب بمفرد أو مركب بمركب، وبكونه ملفوفا أو مجموعا أو مفروقا أو بغير ذلك، والأقرب أن المراد بالطرفين وبالوجه معنى كل واحد منهما لا اللفظ الدال عليه؛ لأن المشترك فيه فى الحقيقة هو معنى الجامع لا لفظه والمشتركان فيه هما معنيا الطرفين لا لفظهما، وأما الأداة فالأقرب أن المراد بها اللفظ بدليل التمثيل بالكاف وشبهها، ويردها هنا أن يقال: لم سمى هذه الأربعة أركانا للتشبيه، وركن الشيء جزء حقيقته، وليست هذه الأشياء أجزاء حقيقة التشبيه ضرورة أن معنى المشبه والمشبه به اللذين هما مثلا ذات زيد والأسد فى قولنا: زيد كالأسد فى الشجاعة ليس نفس التشبيه، بل متعلقان له؛ لأن الجزء الداخل فى الماهية لا بد أن يصدق عليها، وكذا الوجه الذى هو الشجاعة فى المثال والأداة التى هى الكاف؛ إذ لا يخفى أن واحدا لا يصدق على التشبيه، وأما ذكر هذه الأشياء فى تعريفه فليس على وجه كونها أجزاء المعرف، بل ذكرها لتقييد المعرف به بها، نظير ذلك البصر فى تعريف العمى؛ حيث يقال: هو عدم البصر عما من شأنه الإبصار، فالبصر للتقييد لا جزء للعمى؛ إذ ليس هو عدم وبصر، ونظيره قولهم فى البيع: هو نقل ملك المعقود عليه لأحد المتعاقدين عوضا