مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

طرفا التشبيه عقليان

صفحة 96 - الجزء 2

  عليهما عرفا، كما تقدم فى الخد والورد، (و) المحسوسات بحاسة اللمس ك (الجلد الناعم والحرير)؛ حيث شبه الأول بالثانى، وهذا بناء أيضا على إدراكهما مع إدراك لينهما باللمس، وإلا فعند الحكماء إنما يدرك اللين، فإطلاق الإحساس عليهما نظرا للعرف، ولا حاجة أيضا إلى تقدير اللين ليقع التشبيه فيه لتمامه فيهما مع صحة الإطلاق عليهما عرفا، وقد علم مما قررنا أن كون الطرفين حسيين فى غير النكهة على مذهب الحكماء إنما هو على وجه التوسع والإطلاق العرفى، حيث يقال: أبصرت الورد، وشممت العنبر، وذقت الخمر، ولمست الحرير. وأما على مذهب غيرهم وإياه اعتمد المصنف فالكلام على ظاهره من غير توسع، وذلك واضح.

طرفا التشبيه عقليان

  (أو عقليان) هذا مقابل قوله: إما حسيان يعنى أن الطرفين إما أن يكونا حسيين، - كما تقدم - وإما أن يكونا عقليين بأن لا تدرك مفرداتهما بالحس، بل بالعقل، وذلك (كالعلم)، فإنهما ليسا حسيين وإنما يدركان بالعقل، فإذا قيل العلم كالحياة والجهل كالموت فقد شبه معقول بمعقول، ووجه الشبه بين الأولين كون كل منهما جهتى إدراك، وبين الثانيين كونهما ليسا جهة إدراك، ولا يقال: العلم نفس الإدراك، فكيف يجعل جهته لأنا نقول المراد بالعلم هنا الملكة وهى حالة بسيطة، أعنى قوة تحصل من ممارسة فن من الفنون بحيث يكون صاحبها يمكنه إدراك أحكام جزئيات ذلك الفن، وإحضار أحكامها عند ورودها كالملكة الفقهية فإنها قوة يمكن لعارف أصوله ودلائله أن يعرف حكم أى جزء من جزئياته فيعرف حكم هذا الفعل المخصوص مثلا عند إرادة ذلك الحكم، وأنه حرام أو مكروه أو مباح أو مندوب؛ وإنما قلنا: بسيطة؛ لأنها ليست هيئة حاصلة من عدة أمور لا تتصور إلا باعتبارها، ولا نسبية يتوقف تعقلها على تعقل غيرها، ولا شك أن العلم إذا أريد به هذا المعنى كان جهة للإدراك لا نفسه وقد تقدمت الإشارة لهذا المعنى، وكذلك الجهل هو ملكة مانعة من الإدراك، ولو جعل وجه الشبه بين العلم والحياة حصول الانتفاع والآثار والمآثر الحسية والمعنوية كان صحيحا أيضا، وكذا إذا جعل الوجه بين الجهل والموت عكس ذلك وأما