وجه الشبه المتعدد
  معا، وأن يكون حسيين معا، وأن يكون أحدهما حسيا والآخر عقليّا، فمحل العقلي (أعم) من محل الحسي؛ وذلك (لجواز أن يدرك بالعقل من) الأمر (الحسي شيء) معقول يقع التشبيه به، وإدراك المعقول من المحسوس يتوقف على صحة اتصاف المحسوس بالمعقول، وهو محقق كاتصاف الإنسان بالعلم والإيمان والجهل وغير ذلك (ولذلك) أي: لأجل كون وجه التشبيه العقلي أعم محلا (يقال) موافقة لذلك: (التشبيه بالوجه العقلي أعم) محلا من التشبيه بالوجه الحسي؛ وذلك لأن صحة التشبيه تابعة لوجود وجه الشبه في الطرفين، فإذا كان يوجد في العقليين والحسيين والمختلفين، والحسي لا يوجد إلا في الحسيين كان محل الأول أعم لعمومه الأقسام الثلاثة واختصاص الحسي بواحد منها؛ وإنما جعلنا العموم والخصوص في المحلين أعني محل الوجه الحسي ومحل الوجه العقلي لأن نفس التشبيهين متباينان؛ إذ معنى التشبيه بالوجه الحسي التشبيه بالوجه الذي لا يدرك أولا إلا بالحس، ومعنى التشبيه بالوجه العقلي التشبيه بالوجه الذي لا يدرك أولا إلا بالعقل؛ وذلك لأنه لو أريد بالعقلي مطلق المدرك بالعقل لم تصح مقابلته بالحسي في التقسيم ضرورة أن كل مدرك بالحس مدرك بالعقل ولا ينعكس، فيكون العقلي على هذا أعم فلا يقابله الحسي - فافهم - ثم أورد بحثا على كون وجه الشبه قد يكون حسيّا، فقال: (فإن قيل هو)، أي: وجه الشبه لأجل اشتراط وجوده في الطرفين معا (مشترك) فيه ضرورة؛ لأن غير المشترك فيه لا يوجد في الطرفين معا وإنما يوجد في أحدهما، وإذا كان مشتركا بين الطرفين (فهو كلي) لصدقه على الوصفين المعينين الموجودين في الطرفين، وما يصدق على اثنين فأكثر كلى لاشتراكهما في وجود معناه فيهما بخلاف الجزئي فإنه لا يصح صدقه على اثنين فأكثر بوضع واحد، فلا يقع التشارك فيه؛ وذلك لأن المراد بالاشتراك ههنا ما ذكره من صحة الصدق على المتعدد بوضع واحد؛ لأن ذلك شأن وجه الشبه لا التشارك في مطلق نسبة شيئين إلى شيء واحد كاشتراك زيد وعمرو فى أيهما فإنه يصح في الجزأين، وإذا كان وجه الشبه كله كليّا صحت لنا هنا قضية صادقة كلية، وهي قولنا: «كل وجه شبه كلي» فتضم إلى قضية أخرى كلية مسلمة الصدق، وإليها أشار بقوله: (والحسي ليس بكلي)؛ إذ