مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

دقيقة في الوجه المركب

صفحة 155 - الجزء 2

  كهى في قولهم التشبيه بالوجه العقلى أعم، وليست داخلة على المشبه به، إذ هو كما تقدم حالة القوم المعتبر فيها ما تقدم، وقولنا: الوجه هو اتصال الابتداء الموصوف بالانتهاء الموصوف، ليس كقولنا: هو اتصال الابتداء واتصال الانتهاء بالعطف؛ لأن حرف العطف إن كان واوا لا يقتضى إلا مجرد الجمعية من غير توقف ولا توقف، وبهذا يعلم الفرق بين التشبيه المركب الوجه والتشبيه المتعدد الوجه، وذلك لأن الأول لا يصح فيه حذف بعض ما اعتبر، وإلا اختل المعنى كما تقدم بيانه فى هذا المثال ولا تقديم بعض ما اعتبر على بعض وإلا انعكس القصد، إذ لو قيل الوجه اتصال ابتداء مطمع كان مختلا، ولو قيل اتصال انتهاء مؤيس بابتداء مطمع اختل الواقع، والقصد وإن كان المعنى فى نفسه صحيحا؛ لأن الواقع المقصود هو وجود الإطماع بالابتداء أولا، ثم الإياس بالانتهاء ثانيا، ونظيره فى العطف ما لو قيل الوجه هو الابتداء ثم الانتهاء؛ لأن ثم تقتضى الترتيب فلا يتقدم ما بعدها على ما قبلها، فالمتعاطفان بها - ولو صح الاستغناء بأحدهما عن الآخر بحسب الظاهر - لا يصح فيهما تقدم المتأخر ولا إسقاط أحدهما لفوات إفادة المعنى الذى هو ترتيب أحدهما على الآخر بخلاف ما إذا قيل: زيد كعمرو فى الشجاعة والكرم، فيصح التقديم والتأخير فيهما من غير تبدل فى المعنى ولو حذف أحدهما تم المعنى فإن قيل: إذا قصد الاستقلال فى العطف بالواو ظهر الفرق بين تعدد الوجه وتركبه وكان من التشبيهات المتعددة، وأما إذا قصد اجتماعهما فلا يظهر الفرق بين العطف بثم الذى جعلت الوجه فيه من باب التركيب والاتصال والعطف بالواو لوجود اعتبار الاتصال فيهما، بل لا يتقرر الفرق بين العطف بالواو حينئذ وبين التركيب بدون عطف أصلا قلت: مدلول الواو ولو قصد هو مطلق الاجتماع فى الوجود والاتصاف، وهو أمر جملى عام ليس فيه خصوصية تترجح فى الاعتبارين على الاستقلال، فعاد المعنى إلى الاستقلال والتعدد؛ لأن مطلق الجمعية فى الوجود والاتصاف تجرى حتى فى غير العطف، ولذلك شرط فى العطف بالواو وجود جامع زائد على مفادها فتقرر بذلك الفرق بين تركب الوجه وتعدده، وبمثله يتقرر الفرق بين تركب الطرفين وتعددهما، فإذا قلت: حال زيد فى لقاء عمرو وقد وعده بقضاء دينه، وبنفس