وجه آخر للاستطراف
  زوردية)(١) بكسر الزاى المعجمة وفتح الواو وسكون الراء المهملة معرب لا زوردية بكسر الراء المهملة والموجود بكتابة القلم مد اللام، وكأن اللفظ كذلك معرب، ولم يتعرض له فى القاموس، والمراد به البنفسج وهو منون مجرور بتقدير رب أى ورب بنفسجة (تزهو) بصيغة المبنى للفاعل أخذا من زها كمنع إذا تكبر، وفيه لغة أخرى وهو أن يكون بصيغة المبنى للمفعول والمضارع منه يزهى فهو مزهو، ولا يخفى أن نسبة التكبر للبنفسج تجوز، والمراد أن لها علوا وارتفاعا فى نفسها (ببهجتها بين الرياض) جمع روض وهو البستان كثوب وثياب (على حمر اليواقيت) متعلق بتزهو أى: تتكبر على اليواقيت الحمر، واليواقيت يحتمل أن يراد بها اليواقيت المعلومة، ويحتمل أن يراد بها الأزهار المخصوصة وهى شقائق النعمان وسماها يواقيت لتشبيهه لها فى الحمرة بالياقوت المعلوم وهو المناسب للبنفسج، لكن لا يناسبه قوله بين الرياض؛ لأن الشقائق إنما يكون غالبا فى الجبال، كذا أشير إليه وفيه ضعف لكثرة وجوده فى غير الجبال أيضا وفى رياض الجبال والخطب سهل (كأنها) أى: كأن البنفسجية، وعنى بها رأسها من الأوراق وما أحاطت به لامع الساق، بدليل قوله: (فوق قامات) أى: فوق ساقاتها، وجمعها باعتبار الأفراد (ضعفن بها) أى: ضعفن عن تحملها؛ لأن ساقها فى غاية الضعف واللين (أوائل النار فى أطراف كبريت)، فقد شبه نور البنفسج بأوائل النار عند أخذها بأطراف الكبريت فى الهيئة الحاصلة من تعلق أجرام صغيرة لطيفة على شكل مخصوص ولون الزرقة بجرم أصغر، وتعلق أوائل النار بأطراف الكبريت موجود كثيرا عند الناس وقت الحاجة إلى ذلك والهيئة المذكورة واضحة فى ذلك؛ لأن نار الكبريت زرقاء، وإنما قال: «أوائل» لتحقيق إحاطتها بالصفرة؛ لأنها عند تمكنها واستعمالها بمجموع الكبريت لا تبقى صفرة لكن أغرب فى إلحاق البنفسج بها؛ لأن البنفسج جسم ندى ونور رياضى، وإنما ينتقل منه عند إرادة ما يضاهيه للتشبيه لما هو من جنس الأزهار الرياضية دون النار، لا سيما فى أطراف الكبريت فإنها جرم حار يابس ديارى متعلق بوقود
(١) البيتان لابن المعتز، أوردهما الطيبى فى التبيان (١/ ٢٧٣) بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى والعلوى فى الطراز (١/ ٢٦٧)، واللازوردية: البنفسجة نسبة إلى اللازورد وهو حجر نفيس.