التشبيه البعيد الغريب
  الإطلاق ظاهره ولو كان الوجه جمليا لا تفصيل فيه وهو كذلك، وإلا لم يكن علة مستقلة للغرابة، وبهذا يعلم أن قوله فيما تقدم فى الابتذال لكونه أمرا جمليا أكثرى لا كلى، ولكن ينبغى تقييد غرابته بأن يكون الوجه مخصوصا بنادر الحضور مع المشبه، وأما إن كان يوجد فى غيره لم تفد ندرة حضوره غرابة كما لا يخفى، (أو لقلة) عطف على قوله: لكونه وهميا، يعنى أن ندرة الحضور إما لكونه وهميا إلى آخر ما تقدم، وإما لقلة (تكرره) أى: تكرر المشبه به (على الحس) المتعلق به من بصر أو غيره، ولم يقل لعدم تكرره على الحس؛ لأن المشبه به فيما مثل به لا دليل على عدم تكرره على الحس، وهو المشار إليه بقوله: (كقوله والشمس كالمرآة) فى كف الأشل، فإن المشبه به وهو المرآة فى كف المرتعش يجوز أن لا ترى أصلا، وعلى تقدير رؤيتها فى كفه فلا تتكرر، وعلى تقدير تكررها فالمحقق هو قلة التكرار لا عدمه، ويحتمل أن يريد بقلة التكرار على الحس عدمه، بمعنى أنه على تقدير وجودها لا يوجد لها تكرر أصلا، ولكن المحقق نفى الكثرة لا نفى مطلق التكرر، وإنما قلنا إن ذلك المحقق لأنا نجزم بأن الكثير من الناس تمضى أعمارهم ولا يتفق لهم شهودها فى كفه أصلا، فضلا عن كثرة التكرار، فلو كثر التكرار كثر المدركون، إذ من لازم كثرة التكرار عادة كثرة المدركين للمتكرر، وهذا بخلاف الوهمى والخيالى والعقلى فإنها لا تحس أصلا، وبهذا يعلم أن عطفه على ما قبله ليس من عطف الخاص على العام، وإنما قدم ما قبله عليه لأنها فى الندرة أقوى لعدم إحساسها أصلا، ف (إذا كان التشبيه المتعلق بالمرآة فى كف الأشل غريبا لوجود التفصيل فى الوجه فيه - كما تقدم - غريبا لندرة حضور المشبه به فيما ذكر كانت (الغرابة فيه من وجهين) وهما كثرة التفصيل وندرة الحضور، وذلك ظاهر، وقد قررنا وجه اقتضاء كثرة التفصيل لغرابة التشبيه، ووجه اقتضاء ندرة الحضور لها بما أغنى عن إعادته، وربما يتخيل عند الغفلة عما تقدم أن ندرة الحضور للمشبه به لا تستلزم ندرة حضور الوجه، لجواز كونه أعم، ولا يلزم من ندرة الأخص ندرة الأعم حتى يلزم عدم سرعة الانتقال فى التشبيه عند تصور الوجه فى المشبه، وإذا لم يلزم عدم السرعة لم تلزم الغرابة ندرة الحضور، والجواب ما قدمناه من أن ندرة حضور المشبه به