مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

المقبول

صفحة 229 - الجزء 2

  قدرنا بعد قوله أعرف قولنا من المشبه عند السامع، فإذا جهل السامع حال ثوب من سواد أو غيره وعرف حال آخر قلت لبيان حال المجهول ذلك الثوب كهذا فى سواده مثلا، وكذا بيان المقدار فتقول لجاهل مقدار قامة زيد هو كعمرو فى قامته حيث يعلم مقدار قامة عمرو، وكذا فى التزيين والتشيين إذا بنينا كما تقدم على أن الوجه هو الحالة المخصوصة، فتقول فى الأول وجهه كمقلة الظبى؛ لأن مقلة الظبى أعرف بالحالة المخصوصة من الوجه لا بمطلق السواد، وفى الثانى وجهه كالسلحة الجامدة المنقورة للديكة؛ لأن المشبه به أيضا أعرف بالهيئة المخصوصة الموجبة للقبح من المشبه لا بمطلق الهيئة، وقد تقدم تحقيق هذا، وأما الاستطراف فالوفاء فيه بأن يكون المشبه أندر شيء وجودا، أو يكون ممتنعا عاديا مع وجود الوجه فيه على تلك الحالة، ولا يقتضى الأعرفية كما تقدم، ولو قيل فى بيان الحال ثوبه كثوب فلان المجهول، أو قيل فى بيان المقدار هو كفلان المجهول فى قامته، وفى الزين وجهه كالقدر فى سواده، وفى الشين وجهه كوجه البدر فى قبحه، وفى الاستطراف هذا الفحم الذى فيه الجمر كقطع الحديد التى أخذت النار فى أطرافها؛ بطل الغرض وعاد التشبيه فاسدا كما لو شبه الشيء بالشيء من غير جامع أصلا، فيكون غير مقبول (أو أتم شيء فيه) أى: وتحصل إفادته أيضا بأن يكون المشبه به أتم فى وجه الشبه من كل شيء يقدره السامع فى ذهنه (فى إلحاق الناقص بالكامل) أى: فى بيان الغرض الذى يحصل عند إلحاق الناقص بالكامل وهو التقرير فى ذهن السامع، حتى لا يتوهم كون المشبه على غير تلك الحال لينزجر مثلا عما هو بصدده كقولك فيمن لا يحصل من سعيه على طائل: «أنت كالراقم على الماء» فإن المشبه به هو أتم فى التسوية بين الفعل وعدمه فى عدم الفائدة الذى هو الوجه، فلو قيل فى تقرير الحال أنت فى عدم حصولك على طائل كزيد، والمخاطب لم يتقرر عنده عدم حصول زيد من سعيه على طائل كما فى الراقم على الماء لم يوف التشبيه بالغرض، فيكون غير مقبول، (أو) يحصل الغرض أيضا بأن يكون المشبه به (مسلم الحكم فيه) أى: فى وجه الشبه، بمعنى أن وجوده فى المشبه به مسلم، ويكون (معروفه) أى معروف الحكم الذى هو ثبوت وجه الشبه (عند السامع)، بمعنى أن يكون مسلما