مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أنواع المجاز:

صفحة 257 - الجزء 2

  إنشاء المجاز في كلام العرب والمولدين؛ بمعنى: أنا إذا عرفنا أنهم استعملوا لفظا في سبب معناه أو في المسبب عن معناه جاز لنا أن نستعمل لفظا آخر لمثل تلك العلاقة، أو لعكسها؛ لوجود الربط في كليهما، ولا نقتصر على ما استعملوه فقط. فإن لم تكن العلاقة واستعمل اللفظ في غير معناه لانتفاء هذا المعنى خارجا: فإن كان عمدا فهو كذب، وهو مما لا يلتفت لإخراجه من الحد وإن كان حقيقة؛ لأن المفهوم منه معناه الأصلي ولو كان غير مطابق. وإن كان غلطا: فإن كان الغلط في الاعتقاد كأن يقول: انظر هذا الأسد مشيرا للفرس معتقدا أنه الرجل الشجاع صدق عليه حد المجاز؛ لأنه في اعتقاده الذي هو المعتبر استعمله في غير معناه لعلاقة، وإن لم يصب في ثبوت العلاقة في المشار إليه؛ ولهذا إذا استعمله في معناه في اعتقاده فقال: انظر إلى الأسد؛ معتقدا أنه هو الحيوان المعلوم فإذا هو فرس فهو حقيقة؛ لاستعماله في معناه الأصلي في اعتقاده؛ وإن لم يصب.

  وإن كان الغلط في اللفظ فهو خارج عن الحد؛ وهذا هو المراد بقوله: واشتراط العلاقة التي اقتضاها كون الاستعمال على وجه يصح بأن يكون لا ينكر عند العقلاء إنما هو ليخرج الغلط عن تعريف المجاز. وأراد بالغلط: اللفظي كما بينا. فإذا قال: خذ هذا الفرس مشيرا لكتاب ومريدا له صدق عليه أنه استعمل في غير معناه لكن لا على وجه يصح، لأنه بلا علاقة؛ فيخرج عن حد المجاز. ثم أشار إلى ما يخرج بقوله: مع قرينة عدم إرادته بقوله: (و) اشتراط وجود قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلي لتخرج (الكناية) حيث يصدق عليها أنها لفظ استعمل في غير معناه بقرينة لكن ليست مانعة من إرادة المعنى الأصلي؛ لأنها كما سيأتي لا بد أن يكون استعمالها في غير ما وضعت له مقارنا لتحقق جواز إرادة المعنى الأصلي؛ والمراد بجواز إرادة المعنى الأصلي أن لا ينصب القرينة على انتفائه؛ فعلى هذا إذا انتفى المعنى الأصلي عن الكناية ولم ينصب علم المخاطب بانتفائه قرينة لم ينتف عنها اسم الكناية، وليس المراد أن يوجد المعنى الأصلي معها دائما، فإنك إذا قلت فلان طويل النجاد - كناية عن طول القامة - صح على أن اللفظ كناية ولو لم يكن له نجاد، وذلك حيث لا تقصد جعل علم