أسد على وفي الحروب نعامة
  فقوله ﷺ طار إليها استعارة تبعية للطيران وهو مستعار للعدو والجامع بين العدو والطيران داخل في مفهومهما.
  (فإن الجامع) أى: وإنما قلنا: إن الجامع داخل في مفهومهما لأن الجامع (بين العدو) أى: الذهاب بسرعة (والطيران) هو (قطع المسافة بسرعة) وهو داخل في مفهومهما، إذ هو جنس لهما، فالعدو قطع المسافة بسرعة على وجه الأرض، والطيران قطعها بسرعة في الهواء، والقطع في الطيران أقوى منه في العدو ولذلك شبه العدو به، وإنما فسرنا العدو بالذهاب ليناسب الركوب الذي دل عليه الكلام وإلا فالعدو عرفا إنما يكون على الرجلين، فلا يناسب الركوب هذا إذا أريد بالطيران مطلق القطع في الهواء بسرعة، وكثيرا ما يطلق الطيران على ذلك بلا جناح كما يقال: طارت به الرياح، ولكن الأظهر أن الطيران وصف للطير، وهو مخصوص بكونه بالجناح، وإطلاقه على غير ذلك تجوز، فالطيران على الأظهر هو قطع المسافة بالجناح وليس من شرط إطلاق الطيران على ذى الجناح وجود السرعة، بل هى لازمة غالبا. فعلى هذا لا يكون القطع بسرعة داخلا في مفهوم الطرفين؛ لأنه في أحدهما لازم لا جنس وقيل: إن من شرط إطلاق الطيران على الطير كون القطع بسرعة، وعليه يدخل الجامع في المفهوم ولكن يتوقف ذلك على تحققه لغة، والأقرب كونها غير شرط إذ يقال: طار الطائر حيث لم ينزل على غصن وشبهه ولو كان متمهلا في طيرانه، ولأجل إمكان الاشتراط قلنا: الأظهر والأقرب، ولم نقطع بذلك التفسير المقتضى لعدم دخول الوجه في حقيقة الطرفين، وعلى الأظهر فالأولى أن يمثل باستعارة التقطيع الموضوع لإزالة الاتصال بين الأجسام الملتزقة بعضها ببعض، لتفريق الجماعة أعنى إبعاد بعضها عن بعض وذلك في قوله تعالى: {وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً} والجامع إزالة الاجتماع وتلك الإزالة داخلة في مفهومهما؛ لأن مفهوم التقطيع إزالة الاجتماع بقيد كون الأشياء المجتمعة ملتزمة بعضها ببعض، ومفهوم تفريق الجماعة وإبعاد بعضها عن بعض إزالة الاجتماع بقيد كون الأشياء المجتمعة ملتزقة، فقد أخذ الجامع الذي هو إزالة الاجتماع في حد كل منهما على أنه جنس لهما، وتلك الإزالة في المشبه به أقوى