جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

تمهيد

صفحة 13 - الجزء 1

تمهيد

  لمّا وضع «علم الصّرف» للنّظر في أبنية الألفاظ. ووضع «علم النّحو» للنّظر في إعراب ما تركب منها. وضع «البيان»⁣(⁣١) للنّظر في أمر هذا التركيب، وهو ثلاثة علوم:

  العلم الأول: ما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى الذي يريده المتكلم لإيصاله إلى ذهن السامع، ويسمّى «علم المعاني».

  العلم الثاني: ما يحترز به عن التعقيد المعنوي أي عن أن يكون الكلام غير واضح الدّلالة على المعنى المراد، ويسمّى «علم البيان».

  العلم الثالث: ما يراد به تحسين الكلام ويسمّى «علم البديع» فعلم البديع تابع لهما إذ بهما يعرف التحسين الذّاتي، وبه يعرف التحسين العرضي.

  والكلام باعتباره «المعاني البيان» يقال إنه:

  «فصيح» من حيث اللفظ - لأن النّظر في الفصاحة إلى مجرّد اللفظ دون المعنى.

  «وبليغ» من حيث اللفظ والمعنى جميعا - لأن البلاغة ينظر فيها إلى الجانبين⁣(⁣٢).


(١). علم البيان في اصطلاح المتقدمين من أئمة البلاغة يطلق على فنونها الثلاثة من باب تسمية الكل باسم البعض، وخصه المتأخرون بالعلم الباحث عن المجاز والاستعارة والتشبيه، والكناية، والغرض منه صوغ الكلام بطريقة تبين ما في نفس المتكلم من المقاصد، وتوصل الأثر الذي يريده إلى نفس السامع.

(٢). وبيان ذلك أن الفصاحة تمام آلة البيان فهي مقصورة على اللفظ لأن الآلة تتعلق باللفظ دون المعنى، فإذن هي كمال لفظي توصف به الكلمة والكلام: والبلاغة إنما هي إنهاء المعنى في القلب فكأنها مقصورة على المعنى، ومن الدليل على أن الفصاحة تتضمن اللفظ. والبلاغة تتناول المعنى. أن الببغاء يسمى فصيحا ولا يسمى =