الباب الأول في التشبيه تمهيد
  وينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه إلى:
  ١ - تشبييه تمثيل: وهو ما كان وجه الشبه فيه وصفا منتزعا من متعدد: حسيا كان أو غير حسي، كقوله: [الطويل]
  وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يوافي تمام الشهر ثم يغيب
  فوجه الشبه سرعة الفناء انتزعه الشاعر من أحوال القمر المتعددة إذ يبدو هلالا، فيصير بدرا، ثم ينقص، حتى يدركه المحاق. ويسمى تشبيه التمثيل.
  ٢ - وتشبيه غير تمثيل: وهو ما لم يكن وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد، نحو:
  وجهه كالبدر، ومثل قول الشاعر: [الكامل]
  لا تطلبنّ بآلة لك رتبة ... قلم البليغ بغير حظ مغزل
  فوجه الشبه قلة الفائدة، وليس منتزعا من متعدد.
  ٣ - ومفصل: وهو ما ذكر فيه وجه الشبه، أو ملزومه، نحو: طبع فريد كالنسيم رقة، ويده كالبحر جودا، وكلامه كالدر حسنا، وألفاظه كالعسل حلاوة، ومثل قول ابن الرومي: [مجزوء الكامل]
  شبيه البدر حسنا وضياء ومنالا ... وشبيه الغصن لينا وقواما واعتدالا
  ٤ - ومجمل: وهو ما لا يذكر فيه وجه الشبه، ولا ما يستلزمه، نحو: النحو في الكلام كالملح في الطعام. فوجه الشبه هو الإصلاح في كل، ومثل قوله: [مجزوء الرمل]
  إنما الدنيا كبيت ... نسجه من عنكبوت
  واعلم أن وجه الشبه المجمل: إما أن يكون خفيا وإما أن يكون ظاهرا ومنه ما وصف فيه أحد الطرفين أو كلاهما بوصف يشعر بوجه الشبه، ومنه ما ليس كذلك.
  ٥ - وقريب مبتذل: وهو ما كان ظاهر الوجه ينتقل فيه الذهن من المشبه إلى المشبه به، من غير احتياج إلى شدة نظر وتأمل، لظهور وجهه بادئ الرأي. وذلك لكون وجهه لا تفصيل فيه: كتشبيه الخد بالورد في الحمرة، أو لكون وجهه قليل التفصيل، كتشبيه الوجه