الباب الأول في التشبيه تمهيد
  بالوتد، والقاسي بالحديد والصخر، والبليد بالحمار، والبخيل بالأرض المجدبة.
  وقد اشتهر رجال من العرب بخصال محمودة، فصاروا فيها أعلاما - فجرى التشبيه بهم، فيشبه الوفيّ بالسموأل(١) والكريم بحاتم، والحليم بالأحنف(٢)، والفصيح بسحبان، والخطيب بقسّ(٣) والشجاع بعمرو بن معد يكرب، والحكيم بلقمان(٤) والذكي بإياس.
  واشتهر آخرون بصفات ذميمة، فجرى التشبيه بهم أيضا، فيشبه العييّ بباقل(٥)، والأحمق بهبنقة(٦)، والنادم بالكسعيّ(٧)، والبخيل بمادر(٨)، والهجّاء بالحطيئة(٩)، والقاسي بالحجاج الثّقفي أحد جبابرة العرب المتوفى سنة ٩٧ ه
(١). هو السموأل بن عادياء اليهودي، يضرب به المثل في الوفاء، وهو من شعراء الجاهلية، توفي سنة ٦٢ ق ه
(٢). هو الأحنف بن قيس من سادات التابعين، كان شهما حليما، عزيزا في قومه إذا غضب غضب له مائة ألف سيف لا يسألون لماذا غضب: توفي سنة ٦٧ ه
(٣). هو قس بن ساعدة الإيادي، خطيب العرب قاطبة، ويضرب به المثل في البلاغة والحكمة.
(٤). حكيم مشهور آتاه اللّه الحكمة، أي الإصابة بالقول والعمل.
(٥). رجل اشتهر بالعي، اشترى غزالا مرة بأحد عشر درهما، فسئل عن ثمنه فمد أصابع كفيه يريد عشرة، وأخرج لسانه ليكملها أحد عشر، ففر الغزال، فضرب به المثل في العي.
(٦). هو لقب أبي الودعات يزيد بن ثروان القيسي، يضرب به المثل في الحمق.
(٧). هو غامد بن الحارث، خرج مرة للصيد فأصاب خمسة حمر بخمسة أسهم، وكان يظن كل مرة أنه مخطئ، فغضب وكسر قوسه، لما أصبح رأى الحمر مصروعة والأسهم مخضبة بالدم، فندم على كسر قوسه، وعض على إبهامه فقطعها.
(٨). لقب رجل من بني هلال، اسمه مخارق، وكان مشهورا بالبخل واللؤم.
(٩). شاعر مخضرم، كان هجاء مرا، ولم يكد يسلم من لسانه أحد، هجا أمه وأباه، ونفسه وله ديوان شعر، وتوفي سنة ٤٠ ه