جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثاني في المجاز

صفحة 235 - الجزء 1

  المطلق، وكان مجازا مرسلا، علاقته التقييد، ثم نقل من مطلق شفة، إلى شفة الإنسان، فكان مجازا مرسلا بمرتبتين، وكانت علاقته التّقييد والإطلاق.

  ٩ - والعموم: هو كون الشيء شاملا لكثير، نحو قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ}⁣[النساء: ٥٤] أي النبي ÷. فالناس مجاز مرسل، علاقته العموم، ومثله قوله تعالى: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ}⁣[آل عمران: ١٧٣] فإن المراد من الناس واحد، وهو نعيم بن مسعود الأشجعي.

  ١٠ - والخصوص: هو كون اللفظ خاصا بشيء واحد، كإطلاق اسم الشخص على القبيلة نحو ربيعة وقريش.

  ١١ - واعتبار ما كان: هو النظر إلى الماضي، أي تسمية الشيء باسم ما كان عليه، نحو:

  {وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ}⁣[النساء: ٢] أي الذين كانوا يتامى. ثم بلغوا فاليتامى: مجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان؛ وهذا إذا جرينا على أن دلالة الصفة على الحاضر حقيقة، وعلى ما عداه مجاز.

  ١٢ - واعتبار ما يكون: هو النظر إلى المستقبل، وذلك فيما إذا أطلق اسم الشيء على ما يؤول إليه، كقوله تعالى: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً}⁣[يوسف: ٣٦]، أي عصيرا يؤول أمره إلى خمر، لأنه حال عصره لا يكون خمرا. فالعلاقة هنا: اعتبار ما يؤول إليه. ونحو: {وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً}⁣[نوح: ٢٧] والمولود حين يولد، لا يكون فاجرا، ولا كافرا، ولكنه قد يكون كذلك بعد الطفولة فأطلق المولود الفاجر، وأريد به الرجل الفاجر، والعلاقة اعتبار ما يكون.

  ١٣ - والحالية: هي كون الشيء حالا في غيره، وذلك فيما إذا ذكر لفظ الحال وأريد المحل لما بينهما من الملازمة، نحو: {فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}⁣[آل عمران: ١٠٧] فالمراد من الرحمة الجنة الّتي تحل فيها رحمة اللّه. ففيه مجاز مرسل، علاقته الحالية وكقوله تعالى:

  {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}⁣[الأعراف: ٣١] أي لباسكم، لحلول الزينة فيه، فالزينة حال واللباس محلها، ونحو: وأري بياضا يظهر ويختفي، وأرى حركة تعلو وتسفل.