الباب الثاني في المجاز
  ثم أخذ الوهم: في تصوير المنية بصورة السبع، فاخترع لها مثل صورة الأظفار ثم أطلق على الصورة الّتي هي مثل صورة الأظفار، لفظ الأظفار. فتكون لفظة أظفار استعارة تخييلية لأن المستعار له لفظ أظفار صورة وهمية. تشبه صورة الأظفار الحقيقية، وقرينتها إضافتها إلى المنية.
  ونظرا إلى أن الاستعارة التخييلية قرينة المكنية؛ فهي لازمة لا تفارقها، لأنه لا استعارة بدون قرينة.
  وإذا تكون أنواع الاستعارة ثلاثة: تصريحية، ومكنية، وتخييلية.(١)
(١). اعلم أن المذاهب في التخييلية أربعة.
الأول: مذهب السلف، والخطيب: هو أن جميع أفراد قرينة المكنية مستعملة في حقيقتها، والتجوز إنما هو في (الإثبات لغير ما هو له) المسمى استعارة تخييلية، فهما متلازمان، وهي من المجاز العقلي.
الثاني: مذهب السكاكي: وهو أن قرينة المكنية، تارة تكون تخييلية أي مستعارة لأمر وهمي: كأظفار المنية وتارة تكون تحقيقية، أي مستعارة لأمر محقق «كابلعي ماءك» وتارة تكون حقيقية «كأنبت الربيع البقل» فلا تلازم بين التخييلية والمكنية، بل يوجد كل منهما بدون الآخر، وقد استدل السكاكي على انفراد التخييلية عن المكنية بقوله: [الكامل]
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صب قد استعذبت ماء بكائي
فإنه قد توهم: أن للملام شيئا شبيها بالماء، واستعارة اسمه له استعارة تخييلية غير تابعة للمكنية، ورده العلامة (الخطيب) بأنه لا دليل له فيه، لجواز أن يكون فيه استعارة بالكناية، فيكون قد شبه الملام، بشيء مكروه، له ماء. وطوى لفظ المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه، وهو الماء على طريق التخيل.
وأن يكون من باب إضافة المشبه به إلى المشبه، والأصل لا تسقني الملام الشبيه بالماء وأيضا: لا يخفى ما في مذهب السكاكي من التعسف، أي الخروج عن طريق الجادة لما فيه من كثرة الاعتبارات، وذلك. أن المستعير يحتاج إلى اعتبار أمر وهمي، واعتبار علاقة بين وبين الأمر الحقيقي، واعتبار قرينة دالة على أن المراد من اللفظ الأمر الوهمي، فهذه اعتبارات ثلاثة لا يدل لها دليل، ولا تمس إليها حاجة.
الثالث: مذهب صاحب الكشاف وهو أنها تكون تارة مصرحة تحقيقية، وتارة تكون تخييلية، أي مجازا في الإثبات.
الرابع: (مذهب صاحب السمرقندية) وهو مثل مذهب صاحب الكشاف غير أن الفرق بينهما: أن مدار =