جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثاني في المجاز

صفحة 256 - الجزء 1

  من معناها الحقيقي إلي المعني المتخيل، إضافتها إلي المنية.⁣(⁣١)

  هذا، ومذهب السكاكي في المكنية مردود عليه. بأن لفظ المشبه فيها مستعمل فيما وضع له تحقيقا، للقطع بأن المراد بالمنية الموت لا غير: فليس مستعارا.

  التنبيه السادس: الاستعارة صفة للفظ على المشهور؛ والحق أن المعني يعار أولا ثم يكون اللفظ دليلا على الاستعارة، وذلك:

  ١ - لأنه إذا لم يكن نقل الاسم تابعا لنقل المعني تقديرا لم يكن ذلك استعارة مثل الأعلام المنقولة فأنت إذا سميت إنسانا بأسد، أو نمر، أو كلب، لا يقال إن هذه الأسماء مستعارة؛ لأن نقلها لم يتبع نقل معانيها تقديرا.

  ٢ - ولأن البلغاء: جزموا بأن الاستعارة؛ أبلغ من الحقيقة فإن لم يكن نقل الاسم تابعا لنقل المعني، لم يكن فيه مبالغة، إذ لا مبالغة في إطلاق الاسم المجرد عن معناه.

  التنبيه السابع: ظهر أن الاستعارة باعتبار اللفظ نوعان أصلية وتبعية.

  فالأصلية: ما كان فيها المستعار اسم جنس غير مشتق، سواء أكان اسم ذات كأسد للرجل الشجاع، أم اسم معني، كقتل للإذلال، وسواء أكان اسم جنس حقيقة كأسد وقتل، أم تأويلا كما في الأعلام المشهورة بنوع من الوصف كحاتم في قولك: رأيت اليوم حاتما، تريد رجلا كامل الجود فاعتبر لفظ حاتم في قوة الموضوع لمفهوم كلي، حتى كاد يغلب استعماله في كل من له وصف حاتم، فكما أن أسدا يتناول الحيوان المفترس والرجل الشجاع: كذلك حاتم يتناول الطائي وغيره ادعاء، ويكون استعماله في الطائي حقيقة، وفي غيره مجازا، لأن الاستعارة مبنية على ادعاء أن المشبه فرد من أفراد المشبه به، فلا بد أن يكون المشبه به كليا ذا أفراد.


(١). يرى (السكاكي) أن التخييلية قد توجد من غير المكنية كقولهم: أظفار المنية التي كالسبع نشبت بفلان، ففي أظفار (استعارة تخييلية) وجدت مع تشبيه صريح، ولكن هذا بعيد إذ لم يوجد له نظير في الكلام العربي، فالفرق بين السكاكي وغيره أن السكاكي يرى أن كل مكنية معها تخييلية ولا عكس، وغيره (إلا الزمخشري) يقول إنهما متلازمان.