الباب الثاني في المجاز
  والمراد باسم الجنس غير المشتق ما صلح لأن يصدق على كثيرين من غير اعتبار وصف من الأوصاف في الدلالة.
  وليس العلم الشخصي واسم الإشارة والضمير والموصول من الكليات، فلا تصح أن تجرى فيها الاستعارة الأصلية. أما المشتق فالصفة جزء من مدلوله وضعا، لأنه موضوع لذات متصفة بصفة، فكريم موضوع لذات متصفة بالكرم، وقتيل موضوع لذات متصفة بوقوع القتل عليها.
  وقد اعتبرت الأعلام التي تتضمن معني الوصف اسم جنس تأويلا ولم تعتبر من قبيل المشتق، لأن الوصف ليس جزءا من معناها وضعا، بل هو لازم له، غير داخل في مفهومه، فحاتم لم يوضع للدلالة على الجود ولا على ذات متصفة به، ولكن الجود عرض له. ولزمه فيما بعد.
  التنبيه الثامن: التبعية(١) ما كان فيها المستعار مشتقا، ويدخل في هذا: الفعل والاسم المشتق، والحرف.
(١). كذلك يدخل فيه الاسم المبهم، فقد جعل بعضهم استعارة الإشارة والضمير والموصول من التبعية، لأن كلّا من هذه المبهمات ليس من اسم الجنس لا تحقيقا ولا تأويلا، إذ إن معانيها جزئية، والأصلية: مختصة باسم الجنس، فإذا قلت: هذا رأى حسن، فقد استعرت اسم الإشارة من المحسوس للمعقول، ويقال: شبه المعقول مطلقا بالمحسوس مطلقا في قبول التمييز والتعبير، فسرى التشبيه من الكليات إلي الجزئيات فاستعير لفظ (هذا) من جزئي المشبه به لجزئي المشبه استعارة تبعية، لقصد المبالغة في بيان تعيين المعقول، وإذا قلت لنسوة:
إني منتظركم، فقد شبهت مطلق مخاطبة فيها عظمة، بمطلق مخاطب فيه عظمة، بجامع العظمة في كل. فسرى التشبيه من الكليين إلي الجزئيات فاستعير ضمير جماعة الذكور من جزئي المشبه به لجزئي المشبه، استعارة تبعية، وكذا إذا استعملت في المؤنث ما وضع من أسماء الموصول في المذكر.
وإذا عاد الضمير أو اسم الإشارة على مجاز: نحو: زارني هذا الأسد فأكرمته فليس فيهما تجوز بناء على أن وضعهما أن يعودا على ما يراد بهما من حقيقة أو مجاز، وقيل فيهما تجوز تبعا لما يرجعان إليه ويكونان مستعارين بناء على التشبيه والاستعارة في مرجعهما، فيدخلان في التبعية.