الباب الثاني في المحسنات اللفظية
  وإلا سمّي مفروقا مثل قوله: [الكامل]
  لا تعرضنّ على الرّواة قصيدة ... ما لم تكن بالغت في تهذيبها
  فإذا عرضت الشّر غير مهذب ... عدّوه منك وساوسا تهذي بها
  والثاني: وهو الجناس الملفق: يكون بتركيب الركنين جميعا مثل قوله: [الوافر]
  وليت الحكم خمسا وهي خمس ... لعمري والصبا في العنفوان
  فلم تضع الأعادي قدر شاني ... ولا قالوا فلان قد رشاني
  ٨ - ومنها: جناس القلب وهو ما اختلف فيه اللفظان في ترتيب الحروف، نحو: حسامه فتح لأوليائه، وحتف لأعدائه. ويسمى قلب كلّ لانعكاس الترتيب.
  ونحو: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، ويسمى قلب بعض.
  ونحو: رحم اللّه امرأ، أمسك ما بين فكيه، وأطلق ما بين كفيه.
  وإذا وقع أحد المتجانسين في أول البيت، والآخر في آخره، سمّي مقلوبا مجنحا كأنه ذو جناحين مثل قوله: [مجزوء الكامل]
  لاح أنوار الهدى ... من كفّه في كل حال
  وإذا ولي أحد المتجانسين الآخر قيل له المزدوج.
  وإن كان التركيب بحيث لو عكس حصل بعينه فالمستوي ويسمى أيضا ما لا يستحيل بالانعكاس نحو: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ}[الأنبياء: ٣٣] ونحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}[المدثر: ٣].
  وبعد: فلا يخفى على الأديب، ما في الجناس من الاستدعاء لميل السامع، لأن النفس ترى حسن الإفادة، والصورة صورة تكرار وإعادة ومن ثم تأخذها الدهشة والاستغراب، ولأمر ما، عدّ الجناس من حلى الشعر.