جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثاني في المحسنات اللفظية

صفحة 348 - الجزء 1

  ومثاله من الحديث في النثر قول الحريري: شاهت الوجوه، وقبح اللكع ومن يرجوه، وكقول الحريري أيضا: وكتمان الفقر زهادة، وانتظار الفرج بالصبر عبادة.

  ومثاله من الحديث في الشعر قول الشاعر: [مجزوء الرمل]

  قال لي: إنّ رقيبى ... سيئ الخلق فداره

  قلت: دعني وجهك «ال ... جنة حفّت بالمكاره»

  وكقول الشاعر: [الطويل]

  فلو كانت الأخلاق تحوى وراثة ... ولو كانت الآراء لا تتشعّب

  لأصبح كل الناس قد ضمّهم هوى ... كما أن كل الناس قد ضمّم أب

  ولكنها الأقدار «كلّ ميسّر ... لما هو مخلوق له» ومقرّب

  وكقول القائل: [الرمل]

  لا تعاد النّاس في أوطانهم ... قلما يرعى غريب الوطن

  وإذا ما شئت عيشا بينهم ... خالق الناس بخلق حسن⁣(⁣١)


(١). وينقسم الاقتباس: إلى ضربين.

الأول: ضرب منه لا ينقل فيه اللفظ المقتبس عن معناه الأصلي إلى معنى آخر، كما تقدم.

الثاني: ما ينقل إلى معنى آخر، كقول ابن الرومي: [الهزج]

لئن أخطأت في مديح ... ك ما أخطأت في منعي

قد أنزلت حاجاتي ... بواد غير ذي زرع

فقد كنى بلفظ «واد» عن رجل لا يرجى نفعه، ولا خير فيه، وهو في الآية الكريمة: بمعنى «واد» لا ماء ولا نبات.

وقد أجازوا تغيير اللفظ المقتبس بزيادة فيه أو نقص أو تقديم أو تأخير، كما سبق. واعلم أن الاقتباس ثلاثة أقسام.

١ - مقبول: وهو ما كان في الخطب والمواعظ.

٢ - ومباح: وهو ما يكون في الغزل والرسائل والقصص.

٣ - ومردود: وهو ما كان في الهزل، كما تقدم ذكره.