تعريف علم المعاني، وموضعه، وواضعه
  ٣ - وفائدته:
  أ - معرفة إعجاز القرآن الكريم، من جهة ما خصّه اللّه به من جودة السبك، وحسن الوصف، وبراعة التّراكيب، ولطف الإيجاز وما اشتمل عليه من سهولة التركيب، وجزالة كلماته، وعذوبة ألفاظه وسلامتها، إلى غير ذلك من محاسنه التي أقعدت العرب عن مناهضته، وحارت عقولهم أمام فصاحته وبلاغته.
  ب - والوقوف على أسرار البلاغة والفصاحة: في منثور كلام العرب ومنظومه، كي تحتذي حذوه، وتنسج على منواله، وتفرق بين جيّد الكلام ورديئه.
  ٤ - وواضعه: الشيخ عبد القاهر الجرجاني المتوفّى سنة ٤٧١ ه(١).
(١). اعلم أنه لما احتدم الجدل في صدر الدولة العباسية، إبان زهو اللغة وعزها في بيان وجوه إعجاز القرآن.
وتعددت نزعات العلماء في ذلك. ولما قامت سوق نافقة للمناظرة بين أئمة اللغة والنحو، أنصار الشعر القديم الذين جنحوا إلى المحافظة على أساليب العرب. رأوا الخير كله في الوقوف عند أوضاعهم. وبين الأدباء والشعراء أنصار الشعر الحديث الذين لم يحفلوا بما درج عليه أسلافهم وآمنوا بان للحضارة التي غذوا بلبانها آثارا، غدوا معها في حل من كل قديم ولما شجر الخلاف بين أساطين الأدب في بيان جيد الكلام ورديئه.
دعت هذه البواعث ولفتت أنظار العلماء إلى وضع قواعد وضوابط يتحاكم إليها الباحثون. وتكون دستورا للناظرين في آداب العرب (المنثور منها والمنظوم).
لا نعلم أحدا سبق أبا عبيدة بن المثنى المتوفى سنة ٢١١ هـ تلميذ الخليل بن أحمد في تدوين كتاب في علم البيان يسمى (مجاز القرآن) كما لا نعرف بالضبط أول من ألف في علم المعاني، وإنما أثر فيه نبذ عن بعض البلغاء كالجاحظ في كتابه «إعجاز القرآن». وابن قتيبة في كتابه «الشعراء»، والمبرد في كتابه «الكامل»
ولكن نعلم أن أول من ألف في البديع (الخليفة عبد اللّه بن المعتز بن المتوكل العباسي) المتوفى سنة ٢٩٦ هـ وما زالت هذه العلوم تسير في طريق النمو، حتى نزل في الميدان (أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني) المتوفى سنة ٤٧١ هـ فشمر عن ساعد الجد، فدون كتابيه، أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز، وقرن فيهما بين العلم والعمل، ثم جاء إثر عبد القاهر، (جار اللّه الزمخشري)، فكشف في تفسيره «الكشاف»؛ عن وجوه إعجاز القرآن، وأسرار بلاغته، وأوضح ما فيه من الخصائص والمزايا، وقد أبان خلالها كثيرا من =