تعريف علم المعاني، وموضعه، وواضعه
  بإحداهما على الأخرى: ثبوتا أو نفيا. نحو: اللّه واحد لا شريك له(١).
(١). تنبيه: الإسناد مطلقا قسمان: حقيقة عقلية، ومجاز عقلي، فالحقيقة العقلية هي إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما وضع له عند المتكلم في الظاهر من حاله نحو: تجري الأمور بما لا يشتهي البشر. وأنبت اللّه النبات. والمجاز العقلي (ويسمى إسنادا مجازيا، ومجازا حكميا، ومجازا في الإسناد) هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد إلى ما هو له نحو، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وله علاقات شتى فيلائم الفاعل لوقوعه منه. نحو سيل مفعم بفتح العين أي مملوء، فإسناد مفعم وهو مبني للمفعول إلى ضمير السيل وهو فاعل مجاز عقلي ملابسته الفاعلية، ويلائم المفعول به لوقوعه عليه نحو عيشة راضية:
فإسناد راضية وهو مبني للفاعل إلى ضمير العيشة وهي مفعول به (مجاز عقلي) ملابسته المفعولية، ويلائم الزمان والمكان لوقوعه فيهما نحو صام نهارا. وسال الميزاب، ونهار صائم، ونهر جار، ويلائم المصدر نحو جد جده، ويلائم السبب نحو بنى الأمير المدينة، وكما يقع المجاز العقلي في الإسناد يقع في النسبة الإضافية: كمكر الليل، وجري الأنهار: وشقاق بينهما. وغراب البين (على زعم العرب) وفي النسبة الإيقاعية: نحو {وَأَطِيعُوا أَمْرِي} {وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} وأجريت النهر، وكما يكون في الإثبات يكون في النفي نحو قوله تعالى: {فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ} وما نام ليلي، على معنى خسرت تجارتهم، وسهر ليلي قصد إلى إثبات النفي، لا نفي الإثبات، ويكون أيضا في الإنشاء كما سبقت الإشارة إليه نحو قوله تعالى: {أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ} ونحو {يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً} وليصم نهارك وليجد جدك، وليت النهر جار، وما أشبه ذلك.
وأقسامه باعتبار حقيقة طرفيه ومجازيتهما أربعة، لأنهما إما حقيقتان لغويتان نحو أنبت الربيع البقل، أو مجازان لغويان نحو أحيا الأرض شباب الزمان، إذ المراد بإحياء الأرض تهييج القوى النامية فيها، وإحداث نضارتها بأنواع الرياحين والإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة، وهي صفة تقتضي الحس والحركة وكذا المراد بشباب الزمان، زمان ازدياد قواها النامية، وهو في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية مشبوبة أي قوية مشتعلة، أو المسند حقيقة لغوية والمسند إليه مجازي لغوي: نحو أنبت البقل شباب الزمان، أو المسند إليه حقيقة لغوية والمسند مجاز لغوي نحو أحيى الأرض الربيع: ووقوع المجاز العقلي في القرآن كثير: نحو ما تقدم، ونحو {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً} و {يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما} {أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها} و {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً}
ولا بد له من قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي لأن الفهم لولا القرينة يتبادر إلى الحقيقة، والقرينة إما =