جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

تعريف علم المعاني، وموضعه، وواضعه

صفحة 48 - الجزء 1

  ومواضع المسند ثمانية:

  ١ - خبر المبتدأ: نحو قادر من قولك: اللّه قادر.

  ٢ - والفعل التام: نحو حضر من قولك: حضر الأمير.

  ٣ - واسم الفعل: نحو هيهات ووي وآمين.


= لفظية وإما معنوية فاللفظية كقولك هزم الأمير الجند وهو في قصره، والمعنوية كاستحالة قيام المسند بالمسند إليه المذكور معه عقلا بمعنى أنه لو خلي العقل ونفسه عد ذلك القيام محالا كقولك محبتك جاءت بي إليك لاستحالة قيام المجيء بالمحبة عقلا، وكاستحالة ما ذكر عادة نحو هزم الأمير الجند لاستحالة قيام هزيمة الجند بالأمير وحده عادة، وإن أمكن، وكان يصدر من الموحد: نحو [المتقارب].

أشاب الصغير وأفنى الكبي ... ر كر الغداة ومر العشي

فإن صدور ذلك من الموحد قرينة معنوية على أن إسناد أشاب وأفنى إلى كر الغداة ومر العشي مجاز، ثم هذا غير داخل في الاستحالة إذ قد ذهب إليه كثير من المبطلين. ولا يجب أن يكون في المجاز العقلي للفعل فاعل يعرف الإسناد إليه حقيقة. بل تارة يكون له فاعل. يعرف إسناده إليه حقيقة كما تقدم، وتارة لا، نحو قوله:

[مجزوء الوافر].

يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا

فإن اسناد الزيادة للوجه مجاز عقلي وليس لها أي الزيادة فاعل يكون الإسناد إليه معروفا حقيقة، ومثله سرتني رؤيتك وأقدمني بلدك حق لي عليك، فهذه الأمثلة ونحوها من المجاز العقلي الذي لا فعل له يعرف الإسناد إليه حقيقة: كما قال الشيخ (عبد القاهر)، وقيل لا بد له من فاعل يعرف الإسناد إليه حقيقة، ومعرفته إما ظاهرة نحو {فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ} أي فما ربحوا في تجارتهم، وإما خفية كهذه الأمثلة والفاعل اللّه تعالى.

هذا، وقد أنكر (السكاكي) المجاز العقلي ذاهبا إلى أن أمثلته السابقة ونحوها منتظمة في سلك الاستعارة بالكناية فنحو أنبت الربيع البقل يجعل الربيع استعارة عن الفاعل الحقيقي بواسطة المبالغة في التشبيه، ويجعل نسبة الاثبات إليه قرينة الاستعارة وسيأتي مذهبه، إن شاء اللّه تعالى في فن البيان عند الكلام على الاستعارة بالكناية.

تنبيه: ذكر بعض المؤلفين (مبحث المجاز العقلي والحقيقة العقلية) في أحوال الإسناد من علم المعاني. وبعضهم ذكرهما في فن البيان عند تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز ولكل وجهة.