المبحث الثالث في الاستفهام
  ٣ - وتكون بمعنى متى، كقولك: زرني أنى شئت.
  وكم: موضوعة للاستفهام: ويطلب بها تعيين عدد مبهم، كقوله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ}[الكهف: ١٩].
  وأيّ: موضوعة للاستفهام، ويطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمّهما، كقوله تعالى:
  {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً}[مريم: ٧٣] ويسأل بها عن الزمان والمكان، والحال، والعدد، والعاقل؛ وغيره على حسب ما تضاف إليه أي. ولذا تأخذ أي معناها ممّا تضاف إليه. فإن أضيفت إلى ما تفيده «ما» أخذت حكمها. وإن أضيفت إلى ما تفيده «متى، أو كيف أو غيرهما من الأدوات السابقة» أخذت معناها.
  وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الأصلي وهو طلب العلم بمجهول، فيستفهم بها عن الشيء مع العلم به لأغراض أخرى: تفهم من سياق الكلام ودلالته - ومن أهمّ ذلك.
  ١ - الأمر، كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}[المائدة: ٩١] أي: انتهوا.
  ٢ - والنهي، كقوله تعالى: {أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ}(١) [التوبة: ١٣].
  ٣ - والتّسوية، كقوله تعالى: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}[البقرة: ٦].
  ٤ - والنفي، كقوله تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ}(٢) [الرحمن: ٦٠].
  ٥ - والإنكار(٣)، كقوله تعالى: {أَ غَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ}[الأنعام: ٤٠].
(١). أي: لا تخشوهم فاللّه أحق أن تخشوه.
(٢). أي ما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
(٣). اعلم أن الإنكار إذا وقع في الاثبات يجعله نفيا، كقوله تعالى: {أَ فِي اللَّهِ شَكٌّ؟} أي لا شك فيه، وإذا وقع في النفي يجعله إثباتا، نحو قوله تعالى: {أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً} أي: قد وجدناك. وبيان ذلك: أن إنكار الاثبات والنفي نفي لهما. ونفي الإثبات نفي، ونفي النفي إثبات. ثم الإنكار قد يكون للتكذيب، نحو أيحسب الإنسان أن يترك سدى.
وقد يكون للتوبيخ واللوم على ما وقع. نحو: أتعبدون ما تنحتون. وهذه الآية من كلام إبراهيم # لقومه، حينما رآهم يعبدون الأصنام من الحجارة.