وأعلم علم اليوم والأمس قبله
  كلآلى عقد انفصم (وأتمها تحريرا) عطف على أحسن أى: لما كان نفع ذلك القسم أعظم لكونه أحسن من تلك الكتب، ولكونه أتم منها فى تحريره، والتحرير والتهذيب والتنقيح بإزالة موجبات التعقيد والخلل والتفاوت فى تمام التحرير إنما هو بالنسبة إلى مراتب القرب من التمام وإلا فبعد فرض تمام التحرير فلا تفاوت فيه حتى تصح الأتمية فيه.
  (وأكثرها للأصول جمعا) أى: لما كان نفع القسم الثالث أعظم من نفع غيره لكونه كما ذكر، ولكونه أيضا أكثر تلك الكتب فى جمعه لأصول الفن، وذكرنا التحرير والترتيب والجمع مجرورة بالباء عند التقرير لبيان المعنى بسهولة، وإلا فهى فى الإعراب تمييزات محولة فى الأصل عن الفاعل.
  وقوله: للأصول، متعلق بمقدر دل عليه جمعا، ولم يتعلق بالمذكور؛ لأن المصدر إنما يعمل فى مثل هذا بتقديره بأن والفعل فهو فى تأويل الموصول وصلته، والموصول لا يتقدم عليه معمول صلته لكن الأصح جوازه فى الظرف؛ لأن له خصوصية التوسع لما تقرر أنه، كنفس الواقع فيه؛ لشدة ارتباطه به معنى، فصار لا ينفك عن عامله معنى، فكأنه لم يتقدم عليه؛ ولهذا قيل فيه: إن رائحة الفعل تكفى فى عمله.
  (ولكن) ذلك القسم الثالث مع كونه موصوفا بما تقدم المقتضى للاستغناء به عن تأليف آخر فى معناه فيه عيوب أخرى تقتضى الحاجة إلى تأليف آخر فى معناه محرر من تلك العيوب وهى أن ذلك القسم (كان غير مصون) أى: غير محفوظ (من الحشو) وهو الزائد المستغنى عنه مع تعينه كقوله:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله(١)
  فقوله: قبله يتعين للزيادة وهو غير محتاج إليه، ويأتى إن شاء الله تعالى أن فيه قسمين مفسد، وغير مفسد.
  (و) من (التطويل) وهو الزائد بلا فائدة من غير أن يتعين كقوله:
(١) صدر بيت، وعجزه: «ولكنني عن علم ما في غد عم»، الزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٩، ولسان العرب ١٥/ ٩٦ (عمى)، وتهذيب اللغة ٣/ ٢٤٥.