مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

القول في الحمد والشكر

صفحة 101 - الجزء 1

  تعالى {وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ}⁣(⁣١) فإن إطلاق اليد على القدرة إيهام وتورية؛ لأن إطلاقها على الجارحة أقرب إلى الفهم.

  والتمشية الثانية: أن يكون قد شبه ما وقع به الإعجاز أو نفس الإعجاز، بناء على أن الإعجاز أطلق على ما وقع به، أو على نفس حقيقته من إطلاق المصدر على اسم المفعول أولا بالصور المستحسنة فى ميلان النفس وتشوفها لإدراكها، فيكون إضمار التشبيه فى النفس استعارة بالكناية أيضا، وذكر الأستار ترشيح للتشبيه لأنها مما يلائم المشبه به، ويكون ذكر الوجوه تخييلية، وإنما لم تجعل الأستار تخييلا فى هذه التمشية؛ لأن الصور المستحسنة من حيث هى ليست الأستار من لازمها الخاص الذى يتقوم به وجه الشبه أو يتكمل، بخلاف الأشياء المحتجبة تحت الستر كما فى التمشية الأولى، ثم عطف على جملة كان قوله (وكان القسم الثالث) الكائن (من) مجموع الكتاب المسمى (مفتاح العلوم الذى صنفه) أى: مفتاح العلوم (الفاضل العلامة أبو يعقوب يوسف السكاكى) ¦ (أعظم ما صنف) هو خبر كان (فيه) أى: فيما تقدم، وهو علم البلاغة وتوابعها (من الكتب المشهورة) وهو بيان «لما» أى: كان القسم الثالث أعظم المصنفات التى هى الكتب المشهورة فى ذلك الفن (نفعا) تمييز من قوله أعظم أى: نفع ذلك القسم أعظم أنفاع تلك الكتب المشهورة فى هذا الفن، وإنما اعتبر المشهورات؛ لأنه إذا كان أنفع المشهورات فغيرها أحرى، وإنما كان أعظمها نفعا (لكونه أحسنها ترتيبا) أى: لكون ذلك القسم أحسن تلك الكتب فى ترتيب مسائلة وفصوله، والترتيب وضع كل شيء فى مرتبته التى تنبغي له، ولما كانت كل مسألة وكل كلمة يجوز أن تكون لها مراتب تناسب أن توضع فيها، وبعض تلك المراتب أحسن من بعض جاز أن يكون تأليف أحسن من آخر فى ترتيب كلماته وفصوله ومسائله، وربما تكون المسائل غررا وحسانا فى معناها، ولكن لم توضع كل واحدة فيما ينبغى لها، فتكون كلآلى عقد انفصم فانتثرت فيفتقر كمال حسنها إلى نظمها بالترتيب ولهذا يوصف تأليف الشيخ عبد القاهر مع بلاغة مؤلفة لما لم يراع فيه حسن الترتيب بأنه


(١) الذاريات: ٤٧.