ومقلة وحاجبا مزججا
  للنسبة كونه لا على طريق التشبيه، وكونه من الثلاثى، كفسقته نسبته للفسق؛ ولهذا كان غريبا؛ لعدم جريانه على النظير، فافتقر إلى تكلف موجب لصعوبة الفهم، ولخفائه؛ اختلفوا فى تخريجه، وأما كونه على طريقة فعل بمعنى صار كذا، كقوس صار كالقوس، فلا يصح إذ الواجب أن يقال حينئذ: مسرجا بكسر الراء، لعدم تعديه، والرواية بالفتح، ثم فسر مسرجا على الاحتمالين بقوله (أى كالسيف السريجى فى الدقة والاستواء أو كالسراج فى البريق واللمعان) ولا يخفى ما فى تشبيه الأنف بالسيف أو السراج من البرودة، ومن خلاف المعتاد فى تراكيب البلغاء، واعتباراتهم حتى لو صرح بالتشبيه لمج، فكيف يكون الحال من الرمز إلى التشبيه؟ وورد فى كتب اللغة تفسير سرج ببهج، وحسن، يقال: سرج الله أمرك أى: بهجه، وحسنه، فتوجه فى مسرجا الذى عدوه غريبا، أن يقال: لم لم تجعلوه من سرج الدال على الحسن؛ فيخرج عن الغرابة؟ وأجيب بأنه جعله اسم مفعول من سرج، بمعنى: حسن لا يعين كونه غير غريب، ووجوده فى بعض كتب اللغة؛ لا يدل على عدم غرابته؛ لاحتمال تقرر غرابته بهذا المعنى، الذى هو الحسن، ثم فسره بعض من اطلع على معناه مع غرابته إذ لا يمتنع تفسير الغريب بعد الاطلاع عليه ولا يجب العلم بكونه غريبا، ولا التنبيه على غرابته عند تفسيره، ومما يدل على غرابته مطلقا تمثيل أئمة النقل به للغريب، فإذا كان لا يتحقق خروجه عن الغرابة بالوجه المذكور؛ لم تكن فائدة لإجرائه دون غيره مما يحقق غرابته، لكن يرد حينئذ أن الأولى تركه؛ لمثال تتعين غرابته، ولا يحتمل غيرها إلا أن هذا بحث فى المثال.
  وأجيب - أيضا - بأن سرج بمعنى: حسن يحتمل أن يكون مستحدثا مولدا من السراج، ويكون مسرجا قديما فيكون الحكم بغرابة مسرجا سابقا على استحداث سرج، ويمتنع أخذه منه، لامتناع أخذ السابق من اللاحق، ثم لو سلم أخذه منه على تقدير هذا الاستحداث وتقدير تأخر مسرجا عن سرج فيكون غريبا - أيضا - فيعود إلى الوجه الأول؛ لأن المولد غريب بالنسبة إلى العربية المشهورة التى وضعت لها كتب التفسير فى الأصل، وقد صرح بعض الأئمة بما يقتضى استحداث سرج من السراج حيث قال: السريجى نسبة إلى السراج، يعنى على غير قياس، والنسبة على طريق التشبيه