مبارك الاسم أغر اللقب
مبارك الاسم أغر اللقب(١)
  أى: مشهور الاسم والأغر فى الأصل هو: الأبيض الجبهة فى الخيل، ثم نقل لكل مشهور معروف؛ لاستلزام الغرة للظهور والشهرة بين ما ليس كذلك. (كريم الجرشى) أى: كريم النفس. (شريف النسب وفيه) أى: وفيما ذكر هذا القائل (نظر) لأن استثقال الطبع للمسموع لا يتصور عادة إلا بكونه وحشيا تنكره الأسماع، وتستثقله الطباع على ما تقدم فى تفسير الوحشى، فيدخل فى الغرابة المحترز عنها، وذلك كقوله: تكأكأتم عليّ تكأكؤكم على ذى جنة افرنقعوا عنى.
  أى: اجتمعتم عليّ اجتماعكم على المجنون، تفرقوا عنى فالتكأكؤ والافرنقاع مكروهان فى السمع لهذا المعنى، وأصل هذا الكلام أن رجلا سقط من حمار، فاجتمع الناس عليه، فخاطبهم بهذا الكلام وأما توجيه النظر بأن الكراهة فى السمع ليست إلا من قبح الصوت، فلو احترز عنها، خرج كثير من الكلمات المتفق على فصاحتها بسبب نطق خشن الصوت بها، مردود بأنه لو كان المراد كذلك لزم كون الجرشى غير مكروه فى السمع ٧ لا عند نطق خشن الصوت، وليس كذلك، فإنا نقطع بكراهته دون مرادفه الذى هو النفس وإن نطق به جميل الصوت، فحصر الكراهة فى السمع فى قبح النغم ليرد بما ذكر باطل، فحمل كلام المصنف على غير ذلك أحق، هذا تقرير كلام المعترض، لكن هذا الاعتراض إن كان عنى به الخلخالى فهو لا يحصر الكراهة فيما ذكر حتى يتجه عليه النظر بما ذكر، بل يجعل الكراهة قد تنشأ من ترتيب ينفر منه الطبع، ويستقبحه من غير تنافر في الحروف، فعليه يحتاج إلى الاحتراز عن الكراهة، وقد تنشأ عن قبح النغمة أو الغرابة، فلا يحتاج إلى الاحتراز عنها، نعم على فهم الخلخالى لا يتجه تنظير المصنف فى قول القائل يشترط انتفاء الكراهة؛ لأنه يكفى فى الحاجة إلى الاشتراط كون ذى الترتيب المنفر للطبع لا يخرج إلا بذكرها.
  وأما على التفسير الأول للتنظير فظاهر، غير أنه لا مانع من أن يدعى أنه لا يحصر فى الكراهة فى السمع فى الغرابة الوحشية، بل يجوز استقباح الكلمة طبعا من غير غرابة -، كما أومأ إليه الخلخالى - فيحتاج إلى الاحتراز عن ذلك الاستقباح - تأمل فى هذا المقام.
(١) صدر البيت، وعجزه: «كريم الجرشى شريف النسب»، والبيت من المتقارب، وهو للمتنبي في ديوانه ٢/ ١٩٨، ط دار الكتب العلمية، وشرح عقود الجمان ١/ ١١.