مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الإرصاد

صفحة 501 - الجزء 2

الإرصاد

  (ومنه) أي: ومن البديع المعنوي (الإرصاد) أي: ما يسمى بالإرصاد والإرصاد في اللغة هو نصب الرقيب في الطريق ليدل عليه أو ليراقب من يأتي منها، يقال رصدت، أي: راقبت، وأرصدته جعلته يرصد، أي: يراقب الشيء (ويسميه) أي: ويسمي هذا الإرصاد (بعضهم التسهيم) والتسهيم جعل البرد، أي: الثوب ذا خطوط كأنها فيها سهام، وسيأتي قريبا وجه التسمية بكل من الاسمين.

  (وهو) أي: والبديع المعنوي المسمى بالإرصاد والتسهيم (أن يجعل قبل العجز من الفقرة أو من البيت ما يدل عليه) أي: أن يجعل قبل العجز مما ذكر ما يفهم منه ذلك العجز فما يدل نائب فاعل يجعل، ثم لما كان ليس من شرطه أن يجعل هنالك ما يفهم به العجز ولو توقف ذكر الفهم على معرفة الروى، فأحرى إذا وجد هنالك ما يفهم به المقصود ولو لم يعرف الروى زاد قوله (إذا عرف الروى) أي: الشرط في كونه إرصادا هو أن يفهم مما جعل هنالك العجز، ولو توقف الفهم على معرفة الروى والبيت معلوم، والفقرة ما هو من النثر بمنزلة البيت من الشعر في كونه يلتزم في ختم ما بعده ما التزم فيه، والروى هو الحرف الملتزم في ختم الأبيات، أو الفقر وأصل الفقرة عظم الظهر، ثم استعير لحلي يصاغ على هيئة عظم الظهر، ثم استعير لكلام لو ضم إليه غيره التزم في المضموم الحرف الآخر الكائن في المضموم إليه، ولذلك قلنا: إنها بمنزلة البيت من الشعر، وتسمى كل قطعة مما التزم آخره ذلك الحرف فقرة، فقول الحريري: هو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه فقرة، وقوله: ويقرع الأسماع بزواجر وعظه فقرة أخرى، إذ كل منهما بمنزلة البيت فيما ذكر، والسجع هو الكلام الملتزم فيه حرف آخره فهو قريب من الفقرة، أو هو نفسها في المصدوق شبه بحلي يطبع بالجواهر فأضمر التشبيه في النفس استعارة بالكناية وأضاف إليه الطبع الذي هو من لوازم المشبه به، وقرع الأسماع بزواجر الوعظ أسماع الموعظة على وجه محرك للمقصود، ومن أجل أن الشرط هو أن يجعل هنالك ما يفهم العجز ولو مع الحاجة إلى معرفة الروي، كان من الإرصاد قوله