اللف والنشر
  ومن غريب اللف والنشر أن يذكر متعددان أو أكثر على التفصيل، ثم يذكر ما لكل في نشر واحد ويؤتى بعده بذكر ذلك المتعدد على الإجمال ملفوظا أو مقدرا؛ فيقع النشر بين لفين أحدهما مفصل والآخر مجمل، كما نقول: الراحة والتعب والعدل والظلم قد سد من أبوابها ما كان مفتوحا وفتح من طرقها ما كان مسدودا؛ فالراحة والتعب متعدد واحد، والعدل والظلم متعدد آخر، فقد ذكر متعددان لكل منهما فردان ثم ذكر ما للجميع في نشر واحد وهو قد سد الخ، وهذا النشر راجع إلى كل من آحاد كل من المتعددين؛ فضمير كل من أبوابها وطرقها راجع إلى كل من الأربعة المذكورة، ولا تنافي في الحكم؛ كسد باب الراحة وفتح طريقها؛ لأن المراد أن لها أبوابا فسد واحدا وفتح آخر فهو أبدا مجهود، ويصح رجوع النشر إلى المتعدد الأول بأن يرجع شقه [...](١) أسباب التوصيل إلى الضرر من كل وجه من مال ومقال ورأى ورياسة وغير ذلك، وإيجاد النفع لمستحقه يقتضي وجود صفة العقل والكرم ورعاية حق الأحباء ووجود الأموال والرياسة وكل ما يتبع ذلك، ثم جمع ما قسم في كونها سجية فيهم بقوله (سجية تلك)(٢) أي: تلك الخصلة، وهي كونهم نافعين وضارين لمن يستحق طبيعة فيهم وغريزة وخلق قديم مركوز فيهم، فهي (منهم غير محدثة) فهي طبيعة موروثة، ثم أجاب عن سؤال مقدر، وهو أن يقال: لم جعلتها غير محدثة؟ فإن هذه الخليقة ممدوحة مطلقا؟ فقال (إن الخلائق) جمع خليقة وهي الطبيعة والخلق الثابت (فاعلم شرها البدع) أي: أن الصفات الثابتة الطبيعية أقبحها البدع، فاعلم ذلك أيها السائل، والبدع كعنب جمع بدعة وهي الأمور المبدعات: أي، المحدثات، ومنه البدعة التي هي خلاف السنة، لا يقال: كون الصفة في الشيء بدعة
(١) ما بين المعكوفتين بياض بالأصل ووجد بهامش نسخة دار السرور - بيروت ما نصه: «سقط من جميع النسخ التى تيسرت لنا من شرح ابن يعقوب شرح هذا المحل من قول صاحب التلخيص كقوله ما نوال الأمير إلى قوله أو حاولوا النفع فى أشياعهم نفعوا* وبعد بحث الملتزم عنها فى الأستانة ومصر والمغرب لم يجدها فتركنا محلها بياضا لعلها تتيسر للقارئ فيلحقها. كتبه مصححه».
(٢) البيت لحسان بن ثابت فى ديوانه ص (٢٣٨)، والطراز (٣/ ١٤٤)، والمصباح ص (٢٤٩)، والإيضاح ص (٣٠٥).