بلاغة الكلام
  فلا يصح الإخبار والنوعية بغيره لم تتبين، وبهذا رد فى الشرح على هذا الإعراب، وأوضحه فيه.
  ولك أن تقول لم لا يراد أن نوع الأعلى يشمل نوعين حد الإعجاز وما يقرب منه فيصح الإخبار عن نوع الأعلى بنوعيه، كما يقال: الإنسان زنجى وغيره؟ تأمله، ويحتمل أن يكون معطوفا على هو، ويكون حد الإعجاز خبرا عنهما فيكون التقدير: وهو أى: الأعلى، وما يقرب منه كلاهما حد الإعجاز وهو صحيح؛ فإن التنزيل فيه ما هو معناه فى البلاغة وما هو دون ذلك، وكلاهما وقع به الإعجاز (و) طرف (أسفل وهو ما) أى القدر الذى (إذا) لم يراع فى الكلام بأن (غير الكلام عنه) أى عن ذلك القدر (إلى ما) أى: إلى قدر هو (دونه) أى دون ذلك القدر الأسفل (التحق) ذلك الكلام المغير عن مراعاة ذلك القدر، وإن كان فصيحا (عند البلغاء بأصوات الحيوانات) أى: نزل منزلتها فى عدم مراعاة اللطائف المناسبة للمقامات والخصوصيات الزائدة على أصل المراد؛ لصدورها عن الناطق بها على وجه الاتفاق بلا مراعاة تناسب (وبينهما) أى: بين الطرفين الأعلى والأسفل (مراتب كثيرة) فكل مقام وحال فيه مراتب كثيرة بحسب الاعتبارات المناسبة له، فما من شيء يراعى فى الخصوصيات المناسبات إلا وهى مرتبة فى ذلك المقام، مثلا مقام الإنكار التام إذا أكد فيه بتأكيد واحد فهذا الاعتبار مرتبة، وإذا أكد فيه بتأكيدين فهذا الاعتبار مرتبة هى فوق الأولى، وإذا بولغ فى التأكيد، فهذا الاعتبار مرتبة هى أعلى مما قبلها، فتتفاوت الرتب والاعتبارات فى المقام الواحد وتتفاوت الرتب فى المقامات من جهة أن ما يراعى مثلا فى مقام هو أعلى وأصعب مما يراعى فى مقام آخر، كمقام الحقيقة مع مقام المجاز، فرعاية اعتبارات المجاز أعلى، ولذلك كان التفاوت بتفاوت المقامات ورعاية الاعتبارات، وذلك بالبعد عن أسباب الخلل فى الفصاحة فى كل مقام (وتتبعها) أى وتتبع بلاغة الكلام (وجوه أخر) أى أحوال عارضة للكلام، سوى الفصاحة والمطابقة لمقتضى الحال (تورث) تلك الوجوه (الكلام حسنا) زائدا على الحسن الذاتى الحاصل بالبلاغة، ونبه بقوله: «تتبع» على أن حسن الكلام بهذه الأوجه لا يعتبر حتى يحصل متبوعه الذى هو