(الفن الأول) علم المعاني
  عليه من جزئيات ذلك الفن، مثلا نعرف بممارسة هذا الفن أن هذا المقام المخصوص يناسبه هذا التأكيد، أو هذا الذكر، أو هذا الحذف، ونعرف فى فن الفقه أن هذا الفعل محرم، أو مكروه، أو مباح، أو غير ذلك، ثم لا يجب أن تكون تلك الجزئيات حاصلة بعد ممارسة الفن بمجرد الالتفات، ولا بمجرد التذكر لها لحصولها، ثم غابت بل يجوز أن يكون حصولها بتكسب حاصل عن استعمال مقتضى تلك القواعد بنفسها، أو ما ينسب وينضاف إليها، وظاهر هذا: أن تلك الملكة، وتلك القوة، لا تسمى باعتبار إحضار تلك القواعد بدون جزئياتها، علما بذلك الفن؛ لأنها بالنسبة إليها ليست جهة إدراكها، بل جهة استحضارها، فلا تسمى تلك الملكة باعتبار إحضار تلك القواعد علما، لأن العلم يقال فيه هو جهة إدراك، ولذلك يشبه العلم بالحياة، والملكة باعتبار الجزئيات جهة إدراك، فهى علم باعتبارها، ولو قيل بأنها علم باعتبار القواعد أيضا ما بعد، بل هو الواجب لأنها جهة إدراك الاستحضار، ويجوز أن يراد بالعلم القواعد، إذ بها تدرك جزئياتها، وإذ علم أن المراد بحصول العلم: حصول قوة يصح معها صحة قريبة من الفعل إدراك ما يدخل تحت القصد من الجزئيات الوارد لم يرد ما يقال من أن العلم بجميع جزئيات المسائل محال لغير علام الغيوب، والعلم ببعضها مطلقا لا يكفى فى تسمية صاحب العلم عالما به، وإلا كان من عرف بعض مسائل الفقه فقيها مثلا، ولا يقال: إن اشتراط علم كل مسئلة فى التعريف لا يصح، واشتراط البعض المعين لا دليل عليه، والبعض المبهم إحالة على جهالة؛ لأنا نقول: ليس المراد واحدا من هذه، بل المراد حصول قوة يتأتى بها ما ذكر فليتأمل.
  (يعرف به أحوال اللفظ العربى التى بها يطابق) ذلك اللفظ (مقتضى الحال) وعبر بيعرف؛ لأن المدارك كما تقدم بالملكة الجزئيات، والمناسب بما يتعلق بالجزئى: المعرفة، وإنما كان متعلقا جزئيا، لأن المراد بالجزئى ههنا الجزئى الإضافى، والجزئى الإضافى هو ما اندرج تحت كلى سواء كان حقيقيا أو لا، وخرج بقوله أحوال اللفظ العربى أحوال العجمى؛ لأن الصناعة لم توضع له وخرج بقوله: التى بها يطابق الخ ما لا تحصل المطابقة به أصلا، كالإعلال والتصحيح والإعراب، ونحو ذلك مما يفتقر إليه فى