مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الانتهاء

صفحة 714 - الجزء 2

  إنما هو على وجه الحالية الحقيقية، وهي مطردة بخلاف الربط بالمناسبة كالجوابية في قوله:

  فقلت كلا ولكن مطلع الجود

  وكالتشبيه في قوله:

  وبدا الصباح كأن غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح

  فقد لا يخلو من تمحل، وعدم مطابقة ما في نفس الأمر.

  (ومنه) أي: من الاقتضاب القريب من التخلص (قول الكاتب) أي: الناثر؛ إذ الكاتب هو مقابل الشاعر عند إرادته الانتقال من حديث إلى آخر (هذا باب) في كذا؛ لأنه ترجمة على ما بعده، ويفيد أنه انتقل من غرض إلى آخر، وإلا لم يحتج للتبويب، فلما كان فيه التنبيه على أنه أراد الانتقال لم يكن الإتيان بما بعده بغتة فكان فيه ارتباط ما، وقد تقدم أن الربط بالمناسبة وجدت فيه البغتة أيضا؛ لأن المأتي به بغت ما هو فيه، لكن بمناسبة فعلية، يقال: نفي البغتة لا يكفي في الربط على أنه أراد الانتقال من شيء إلى غيره يتضمن الجمع بين الشيئين في ذكرهما، فهو نوع من (مطلق الارتباط) وقد يجاب بأن الكلام الذي فيه الربط بالمناسبة لا بغتة فيه أصلا؛ لأن البغتة هي مجيء ما لا يرتقب ولا يناسب وإنما زدنا في تقييد البغتة ما لا يناسب؛ لأن المناسبة تقضى أن الثاني من طريق الأول ومن نمطه فلم يفجأ النفس ما هو بعيد عن نمط الارتقاب. تأمله، فإن فيه دقة.

  ومن هذا القبيل لفظه أيضا عند الفراغ من غرض وأريد الإتيان بغرض آخر؛ لأنه يشعر بأن الثاني يرجع به على المتقدم، وهذا المعنى فيه ربط في الجملة بين السابق واللاحق ولم يؤت بالثاني فجأة.

الانتهاء

  (وثالثها) أي: وثالث المواضع التي ينبغي للمتكلم أن يتأنق فيها (الانتهاء) أي: انتهاء القصيدة أو الرسالة أو الخطبة؛ لأن الانتهاء آخر ما يفهمه السامع ويحفظه من القصيدة أو الخطبة أو الرسالة ويرتسم في نفسه، فإن كان ذلك الانتهاء مختارا حسنا تلقاه بغاية القبول، واستلذه استلذاذا يجبر به ما وقع فيما سبقه من التقصير، وجبر الواقع