مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

(أحوال الإسناد الخبرى)

صفحة 157 - الجزء 1

  الحكم) والمراد بالحكم: الاعتقاد، ولو كان غير جازم وهو الظن (و) كان مع ذلك حالى الذهن من (التردد فيه) أى: الحكم بمعنى وقوع النسبة أو لا وقوعها، فهو شبيه بباب: عندى درهم ونصفه، ومعنى الخلو من الاعتقاد والتردد: أنه لم يخطر الحكم بباله على وجه التردد، ولا خطر على وجه الاعتقاد، ومعلوم أن التردد والاعتقاد متنافيان، فلا يلزم من نفى أحدهما نفى الآخر حتى يستغنى بذكر نفى ذلك الآخر كما قيل، نعم لو أريد بالعلم بالحكم: تصوره لزم من نفى تصوره نفى التردد فيه، وليس ذلك هو المراد هنا؛ لأن الذى يلقى إليه الكلام على الوجه الآتى لا يشترط فيه عدم التصور أصلا، بل عدم الاعتقاد وعدم التردد الكائنين بعد التصور (استغنى) جواب إن (عن مؤكدات الحكم) لحصول الغرض: وهو قبول معنى الخبر بلا مؤكد؛ لأن الذهن الخالى يتمكن منه الحكم بلا مؤكد كما قيل، فوجد قلبا خاليا فتمكن (وإن كان) الملقى إليه الكلام (مترددا فيه) أى: فى الحكم بمعنى: أنه تردد في النسبة بعد تصور الموضوع والمحمول هل تلك النسبة تحققت فى الواقع بين الطرفين أم لا؟ (طالبا له) أى: لذلك الحكم متشوقا لحاله فى نفس الأمر، ولم يحترز بالطلب عن شيء؛ لأن الجارى طبعا أن المتردد فى الشيء متشوف له طالب للاطلاع على شأنه، وإلا كان ملغيا منسيا غير متردد فيه (حسن تقويته بمؤكد) أى: إن كان السامع طالبا للحكم، حسن في باب البلاغة تقويته بمؤكد دفعا لاستقراء أحد الترددين، وإنما قال حسن؛ لأن من لم يؤكد - والحالة هذه - لا يكون فى درجة التنزل عن البلاغة، كحال من لم يؤكد فى الإنكار، بل حال من لم يؤكد فى الإنكار نزل وإن كان كل منهما قد فاته ما يراعى فى باب البلاغة، وهذا الذى ذكر المصنف من أن التأكيد يحسن عند التردد والطلب يلزم منه حسنه عند وجود الظن فى خلاف الحكم المؤكد من باب أحرى، لكن يخالف كلام الشيخ فى دلائل الإعجاز، فإنه إنما حكم بحسن التأكيد إذا كان المخاطب له ظن فى خلاف الحكم المؤكد لا عند الطلب، قال: وإلا لزم أن لا يحسن قولنا: فرح مثلا جوابا لقول السائل: كيف زيد؟ بل يقال على مقتضى حسن التأكيد عند الطلب: إنه فرح (وإن كان) الذى أريد خطابه بحكم (منكرا) لذلك الحكم (وجب توكيده) أى: تأكيد