مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

(أحوال الإسناد الخبرى)

صفحة 159 - الجزء 1

  ورسل عيسى لا ينكر المرسل إليهم مجامعة رسالتهم من غيره للبشرية، فما تأويل هذا الكلام؟ فالجواب أنهم لما دعوهم إلى رسالة رسول الله بإذن نزلوا رسالة رسول الرسول كرسالة الرسول؛ لأن التصديق بهذه تصديق بتلك، فخاطبوا الأصل بواسطة خطاب الفرع بما يقتضى أصل الرسالة فى زعمهم تأمله.

  (ويسمى الغرض الأول) وهو خلو الكلام عن عدم مؤكد عند عدم الإنكار (ابتدائيا) لأنه هو الواقع في الابتداء إذ الأصل خلو الذهن (و) يسمى (الثاني) وهو كونه مؤكدا استحسانا مع المتردد الطالب (طلبيا) لأنه للطالب (و) يسمى (الثالث): وهو كون الكلام مؤكدا وجوبا مع المنكر: (إنكاريا) لوقوعه فى مقابلة الإنكار (و) يسمى (إخراج الكلام عليها) أى: على هذه الوجوه، وهو الخلو من التأكيد فى الإلقاء الأول، والاتصاف بتأكيد الاستحسان فى الإلقاء الثانى، وبتأكيد الوجوب فى الإلقاء الثالث، (إخراجا على مقتضى الظاهر) فصفة الكلام باعتبار تلك المقامات تسمى بالتسامى الأول، والإتيان به باعتبار اتصافه بما يقتضى تلك المقامات يسمى إخراجا على مقتضى الظاهر، أى مقتضى ظاهر الحال واحترز به عن إخراجه على مقتضى تنزيل غير المنكر كالمنكر فيؤكد، أو المنكر كغيره فلا يؤكد، فإن هذا إخراج على مقتضى الحال لا على مقتضى ظاهر الحال، فمقتضى ظاهر الحال أخص من مقتضى الحال؛ لأن مقتضى الحال فى الجملة يصدق بنوعين: مقتضى ظاهره بأن لا يكون ثم تنزيل شيء كغيره، ومقتضى باطنه بأن يكون ثم تنزيل حال كغيره، فظهر أن مقتضى الحال أعم مطلقا من مقتضى الظاهر، فلو فرض تنزيل غير المنكر كالمنكر ومع ذلك ترك التأكيد لم يكن من مقتضى الحال فى شيء؛ لأنه بعد التنزيل زال اعتبار الظاهر، فلا يكون ترك التأكيد من مقتضى الحال أصلا، وبهذا يعلم أن ظاهر الحال «مقتضى» إنما يكون المقتضى الحال «إن لم يكن ثم تنزيل»، وأما «إن كان ثم تنزيل» لم تكن موافقة الظاهر مقتضى الحال، إذ لا يعرف ذلك التنزيل إلا بإجراء الكلام على مقتضاه، فتحقق بهذا العموم بالإطلاق بين مقتضى الظاهر والحال كما تقدم، وإلى هذا التنزيل أشار بقوله (وكثيرا ما) أى: وزمانا كثيرا (يخرج) الكلام (على خلافه) أى: خلاف