مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الحقيقة والمجاز العقليان

صفحة 168 - الجزء 1

  إنما يكون نصب علمه قرينة إذا علم المتكلم علم المخاطب بعدم المجيء، وإلا فلا فرق بين علم المخاطب وعدمه فى أن ظاهره الحقيقة، سواء كان على وجه الكذب المحض أو المداراة؛ لأن الكذب من باب الحقيقة إن كان مروجا، وأما إن علم كل بعلم الآخر ولا علاقة ولا قرينة فهو هذيان لا ينبغى أن يعد من الحقيقة، ولو كانت هى الأصل فيه ولا من المجاز، ويدخل فى الحقيقة ما فيه سلب؛ لأنه يقدر فيه أن الإثبات كان قبل النفى فيصدق فى قولنا: ما زيد قائم أن فيه إسناد القيام فى التقدير إلى زيد على أنه هو له، وهذا فيه التكلف ووجود الخفاء فى التعريف، لكن الحمل عليه لإدخال ما فيه النفى من الحقيقة أولى من الحمل على معنى أن المراد بالإسناد الحقيقى الاتصاف بالإثبات أو السلب على وجه الأصالة والحقيقة؛ لأنه يدخل قولنا: ما صام نهارك؛ لأن سلب الصيام عن النهار حقيقى ثابت فى نفس الأمر مع أنه مجاز قطعا (ومنه) أى: ومن الإسناد مطلقا (مجاز عقلى) لأن حصوله بالتصرف العقلى، ويسمى مجازا حكميا لوقوعه فى الحكم بالمسند على المسند إليه، ويسمى أيضا مجازا فى الإثبات، لحصوله فى إثبات أحد الطرفين للآخر والسلب حقيقته ومجازه تابعة لما يحق فى الإثبات كما تقدم، ويسمى أيضا إسنادا مجازيا نسبة إلى المجاز بمعنى المصدر؛ لأن الإسناد جاوز به المتكلم حقيقته وأصله إلى غير ذلك (وهو) أى: المجاز العقلى (إسناده) أى: الفعل أو معناه على نسق ما تقدم فى الحقيقة (إلى ملابس) بفتح الباء (له) أى: للفعل أو معناه (غير ما) أى: غير الملابس الذى (هو) أى: الفعل أو معناه (له) أى لذلك الملابس يعنى: أن الفعل المبنى للفاعل حقه أن يسند إلى الفاعل، فإذا أسند إلى غير الفاعل من مفعول أو مصدر أو ظرف مطلقا لكونه ملابسا له، فصار ذلك الغير فى تلبسه به كالفاعل فى مطلق التلبس يكون إسناد ذلك الفعل لذلك الغير للملابسة مجازا وكذا الفعل المبنى للمفعول حقه أن يسند للمفعول وما يجرى مجراه، فإذا أسند لغير ذلك كالفاعل لشبهه به فى الملابسة يكون إسناده له مجازا، وقولنا: لشبهه فى الموضعين ليس المراد بذلك التشبيه الذى أصله أن يكون بالكاف، فيكون هذا مجازا لا استعارة على ما سيجيء، بل المراد أن ذلك هو المعتبر فى تحقق علاقة التجوز فى الإسناد من غير مراعاة شروط أصل التشبيه لا فى تقدير