لما رأت رأسي كرأس الأصلع
  الظن كاف عن العلم، فإن كان مؤمنا كان ظهور إيمانه قرينة على إرادة خلاف الظاهر، فيكون مجازا وإلا كان حقيقة لعدم التأويل (كما استدل) أى: مادام لم يعلم بالاستدلال أن المراد خلاف الظاهر مثل ما استدل (على أن إسناد ميز) إلى جذب الليالى (فى قول أبى النجم)
لما رأت رأسى كرأس الأصلع(١)
  (ميز عنه) أى عن رأس أبى النجم (قنزعا عن قنزع) والقنزع: كالقزع هو الشعر المجتمع فى نواحى الرأس مع تخلل بياض جلد الرأس بين تلك النواحى (جذب الليالى) فاعل ميز، وجذب الليالى عبارة عن مضيها واختلافها ذهابا وإيابا، يقال: جذب الليل ذهب عامته، وذهاب الكل متضمن لذهاب العامة، وقوله: (أبطئى أو أسرعى) يحتمل أن يكون حالا على تقدير القول أى: مقولا فيها حال جذبها وذهابها أبطئى أو أسرعى، أى: تجعل فى جذبها بطيئة أو سريعة، ويحتمل أن يكون حالا بتأويل أن صيغة الإنشاء بمعنى الخبر أى: جذب الليالى حال كونها بطيئة أو سريعة، ويحتمل أن يكون من كلام أبى النجم فيكون منقطعا عما قبله، ويكون المعنى أبطئى أيتها الليالى أو أسرعى، فلا أبالى بعد فنائى وهرمى كيف كنت (مجاز) أى كما استدل على أن إسناد ميز إلى الجذب مجاز فهو خبر إن (بقوله) أى: كما استدل على ما ذكر بقوله أى أبى النجم (عقيبه) أى بأثر قوله ميز إلخ (أفناه)(٢) أى: شعر أبى النجم أو أبا النجم؛ لأن فناء الشعر مستلزم لفناء شباب أبى النجم (قيل الله) فاعل أفنى بمعنى إرادته وأمره (للشمس اطلعى).
حتى إذا واراك أفق فارجعى
  وإنما لم يقتصر على تفسير القول بالإرادة ولو كان هو الظاهر ويكون ما بعده فى تأويل الخبر على معنى إرادة الله طلوع الشمس لاحتمال أن يكون ثم أمر للشمس بالطلوع بمعنى أمر خزنة الملائكة القائمين بها، ووجه الاستدلال على أن إسناد ميز إلى
(١) الرجز لأبي النجم في الإيضاح ص ٢٨، والتلخيص ص ١٣ والمصباح ص ١٤٥ ونهاية الإيجاز ص ٢٧٨.
(٢) الرجز لأبي النجم في الإيضاح ص ٣٤ والتلخيص ص ١٣. وانظر ترجمته أبي النجم في الأغاني ١٠/ ١٨٣.