مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند إليه بالموصولية

صفحة 203 - الجزء 1

  الصلة أو لا نعرفهم إذا كانا معا جاهلين لقلة فائدة هذا الكلام؛ لأنه إذا لم يعرف إلا الصلة فعند ذلك لا يبقى حال يخبر به إلا عدم المعرفة ونفى المعرفة فى الإخبار لا يفيد غالبا ثم عطف على قوله لعدم قوله (أو لاستهجان) أى: استقباح (التصريح بالاسم) إما من جهة تركيبه من حروف يستقبح اجتماعها، أو لإشعاره فى أصله بمعنى تقع النفرة منه لاستقذاره عرفا، كأن يقال ما يضع فلان مثل ما للشاة بدلا عن ذكر اسم ما يوضع (أو لزيادة التقرير) يحتمل ثلاثة أوجه تقرير الغرض المسوق له الكلام، وليس مسندا إليه، وتقرير المسند وتقرير المسند إليه والمثال محتمل للكل (نحو) قوله تعالى ({وَراوَدَتْهُ})⁣(⁣١) أى: يوسف {الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ} فالغرض المسوق له الكلام نزاهة يوسف، وبعده عن مظنة الفحشاء وما ذكر أشد تحقيقا وتقريرا لتلك النزاهة مما لو قيل، وراودته امرأة العزيز؛ لأنه إذا امتنع مع كونه فى بيتها متمكنا فى خلوة منها كان غاية فى النزاهة، ونهاية فى الطهارة باطنا وظاهرا عن الفحشاء، وفيه - أيضا - تقرير المراودة التى هى المسند لما يفيده كونه فى بيتها من فرط الألفة والاختلاط فى خلوة فيتمكن منها على أتم وجه، فقد أفاد تقريرها ووجودها بأتم وجه بما ذكر من الموصول، وصلته، وفيه - أيضا - تقرير المسند إليه ونفى احتمال التشابه، والاشتراك اللذين يمكن حصولهما لو قيل مثلا امرأة العزيز أو زليخا ومعنى راودته احتالت بما أمكن لها فى التوصل إليه وهو فاعلت من راد يرود ذهب وجاء، فهو استعارة تمثيلية على حد قولهم - فى المتردد فى أمر - أراك تقدم رجلا، وتؤخر أخرى، كذا قيل ولا يبعد أن يقال نقلت المراودة عرفا إلى طلب التوصل إلى الشيء العزيز على من كان بيده بحث، وتمحل أى: تخيل، ثم إن المشهور عندهم أن الآية مثال لزيادة التقرير، والمفهوم من كلام السكاكى أنها مثال لزيادة التقرير والاستهجان؛ لأن زليخا من المستقبح فى تركيب الحروف ومن المسترذل فى كراهة اللسان ونفرة السمع (أو التفخيم) أى: ويكون تعريف المسند إليه بالموصولية لما فيها من التفخيم، أى: التعظيم والتهويل (نحو)


(١) يوسف: ٢٣.