تعريف المسند إليه بالموصولية
  قوله تعالى {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ}(١) فإن فى هذا الإبهام الكائن فى ما غشيهم من التفخيم والتهويل ما لا يخفى لما فيه من الإيماء إلى أن تفصيله تقصر عنه العبارة (أو تنبيه المخاطب عن خطأ) أى: التعريف بالموصولية يكون لتنبيه المخاطب على خطأ (نحو قوله) فى وصية بنيه (إن الذين(٢) ترونهم) أى: تظنونهم (إخوانكم يشفى غليل صدورهم) أى: عطش قلوبهم وحقدهم (أن تصرعوا) أى: تصابوا وتهلكوا بالحوادث، ولا يخفى ما فى هذا من التنبيه على خطئهم فى هذا الظن بخلاف ما لو قال، (إن القوم الفلانيين يشفى غليل صدورهم أن تصرعوا) لا يقال يمكن التنبيه على الخطأ - أيضا - بأن يقال إن ناسا تظنونهم إخوانكم وهم بنو فلان يشفى غليل صدورهم، فليست هذه مخصوصة بالموصول فلا ينبغى ذكرها له، لأنا نقول لا يجب اختصاص النكتة بمن ذكرت له فإن استهجان التصريح يغنى عنه فيه اسم آخر أيضا ومع ذلك ذكر من نكتة وقد تقدم التنبيه على هذا (أو الإيماء إلى وجه بناء الخبر) أى: يعرف المسند إليه بالموصولية لما فى صلته من الإيماء أى: الإشارة إلى وجه بناء الخبر أى: طريقه، ونوعه من ثواب، أو عقاب، أو مدح، أو ذم مثلا فقوله بناء على هذا مستدرك؛ لأن المراد بالوجه نوع الخبر، فلا فائدة لزيادة النباء، ويحتمل أن يكون التقدير، والمعنى الإيماء إلى وجه إيراد الخبر فيراد بالبناء الإتيان به وإيراده، ويراد بالوجه الطريق الذى يسلك، ويرتكب فى إيجاد الخبر من مدح وغيره فيظر المعنى لزيادة البناء تأمله. يعنى وذلك الإيماء مناسب للمقام؛ لأن فيه شبه البيان بعد الإبهام والمقام يقتضى التأكيد، وإن لم يكن هكذا كان من البديعيات تأمل، وذلك (نحو) قوله تعالى ({إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}(٣)) ففى مضمون الصلة الذى هو الاستكبار عن عبادة الرب إيماء إلى أن الخبر المبنى على الموصول وصلته أمر من جنس الإذلال، والعقوبة وهو قوله تعالى {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} أى: صاغرين فالمراد بالوجه كما
(١) طه: ٧٨.
(٢) البيت لعبدة بن الطيب في شعره ص ٤٨، شرح المرشدي ١/ ٥٩.
(٣) غافر: ٦٠.